إما مناصر أو معرقل للحوار

[JUSTIFY]
إما مناصر أو معرقل للحوار

منذ إطلاق مبادرة الحوار وإعلان الرئيس البشير عن قراراته الأربعة، منذ تلك اللحظة أدركت أن المعركة القادمة ستكون مع حراس البوابة الشمولية في نظام الإنقاذ، وهي معركة حامية تتطلب أنواعا مختلفة من الأسلحة أهمها سلاح الوعي السياسي المتقدم الذي يُمكِّن صاحبه من حسن التوقع وحسن التصرف..
لم أكن أتخيل أن نظام الإنقاذ الذي رتب أوضاعه وتغلغلت أرجله في أعماق الدولة السودانية يمكن أن يتجاوب مع عملية التحول الداخلي فيه وهو على قلب رجل واحد.. هذا مستحيل..
وبالتالي فإن التصنيف الوقائي الصحيح للحالة السياسية بعد قرارات البشير ليس هو (حكومة مقابل معارضة).. لا.. بل يجب أن يصبح التقسيم هو (أنصار الحوار الوطني مقابل الرافضين أو المعارضين للحوار السياسي الوطني)..
لأن أنصار الحوار موجودون داخل الحكومة وداخل المعارضة معاً، كما أن المعرقلين للحوار أيضاً موجودون داخل الحكومة وداخل المعارضة..
الحوار الوطني حتى وإن لم تكن خطوته مفاجئة بالنسبة لأعضاء المؤتمر الوطني باعتبار أنه تم تداول قراره داخل الأجهزة التنظيمية قبل الإعلان عنه، لكنه وبالتأكيد لا يحظى بمناصرة كل قيادات وأعضاء المؤتمر الوطني وهذا متوقع وطبيعي..
وبالتالي ليس أمام هؤلاء سوى العمل على عرقلة مساره بطرق مختلفة، وكذلك الحال داخل المعارضة التي فرزت مبادرة الحوار مواقفها بشكل واضح، وبالتالي فإن رافضي الحوار يبحثون عن تأكيدات وشواهد تدل على أن تقديراتهم كانت هي السليمة وتقديرات الآخرين كانت هي الخاطئة..
كتبت هنا أكثر من مرة أطالب قيادة النظام بعدم ترك مساحات وثغرات يتسلل منها فيروس تدمير قرارهم..
أمس طالعت بياناً قوياً وجريئاً وواعياً جداً أصدره مجلس الصحافة والمطبوعات، وهو يقولها بجرأة استثنائية عن المواقف المتوقعة من جهاز رقابي رسمي وحكومي حين يرفض صراحة توسع النيابات في استخدام سلطة حظر النشر ضد الصحف، ويبدي قلقه إزاء استخدام الإجراءات الاستثنائية لتعطيل الصحف ومصادرتها، داعيًا للاحتكام إلى القضاء مهما بلغت مخالفات الصحف، ويعتبر في بيانه أن إجراءات السلطات ضد الصحف والصحفيين لها تداعيات سالبة على الأداء الصحفي، وعلى الانفراج الذي شهدته الساحة السياسية.
انتبهوا للتصنيف والتوصيف الجديد والحقيقي لحالة الساحة السياسية تجاه المرحلة الجديدة؛ فالبيان يعبر عن مؤسسة تنزع لرغبة تصحيح مسارها وتصنيفها ضمن المناصرين للحوار رغم صعوبة ذلك عليها، لكن لا مفر؛ فإما أن تكون مناصراً ومتمسكاً بكل ما يحقق خطوات متقدمة للعبور والنجاح وإنقاذ مركب الحوار قبل الغرق، وإما أن تستسلم مبكراً أمام العراقيل وهنا ستتحول أنت نفسك إلى أحد المعرقلين لمسيرة الحوار.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي
Exit mobile version