تحمل لنا الأنباء هذه الأيام جيل كثيراً من أهل الإبداع في شتى مجالات الحياة، وإذا أردنا الحصر فتطول القائمة نسأل اللهم الرحمة والمغفرة، وكان آخر الراحلين صناعي امتاز بحسن الخلق والأمانة والإبداع دخل إلى المنطقة الصناعية صبياً في عمر الزهور، ولعل السؤال لماذا اتجه لمثل هذا العمل الشاق وقد كان مبرزاً في دراسته والإجابة هي- أنه ضحى من أجل اخوته وهو أكبرهم حتى يضمن لهم لقمة العيش الكريم، وبدأ عمله بهمة ونشاط في ورشة الخواجة «ماقرو نيكولا» وكانت هذه الورشة تتميز بحسن اختيار الصناعية، وقد لاحظ الخواجة تميزاً واضحاً في هذا الشخص نحيف البنية فصار يسند إليه بعض الأعمال التي تحتاج إلى ذكاء وتفكير، حتى صار من أمهر عمال الورشة، وقد سنحت له فرصة العمر تعطلت إحدى أهم الماكينات فكان لابد من إيجاد اسبير لها حيث لا يوجد في السوق، وكان الرأي أن يتم إرساله إلى الشركة المصنعة في المملكة المتحدة بأسرع وقت فما كان من هذا الصناعي والمفكر كما ذكرنا آنفاً أن يقول بالصوت العالي أنا لها وأخذ قطعة الإسبير من الخواجة والذي لم يصدق كلامه وأمر بإرسال الإسبير إلى شركته المشار إليها أعلاه، ولكن الصناعي واسمه (محمد المبارك) أخذ الإسبير وبدأ في صناعة البديل له وتم له ما أراد وأحضره للخواجة فذهل الخواجة من سرعة وصوله، ووضع الأسبير البديل في الماكينة فإذا بها تدور وتعمل كما كانت قبل العطل، وعرف الخواجة القصة وأمر له بمكافأة وتم ترقيته إلى معلم كامل الدسم وصارت إبداعاته تظهر واحدة تلو الأخرى، إلى أن ترك الورشة وبدأ في انشاء ورشة خاصة به، وحفر اسمه من نور كصناعي مميز.. وكان له فضل كبير عندما تم تغيير حركة السير من الشمال لليمي،ن فكانت ورشته تضج بالمركبات، وكل يريد أن يتم عمله على جناح السرعة مما اقتضى زيادة العمالة، والذين تم تدريبهم على يديه وكانت آخر إبداعاته عندما فاز بعطاء مصلحة البريد والبرق بعمل 1000 صندوق بريد كانت تستورد من الخارج، وأجرى عليها بعض التعديلات الفنية.. أشادت به المصلحة كما فاز بعطاء آخر من بنك السودان وهو تصنيع حاويات بحجم معين لنقل وتأمين العملة، وقد تم ذلك بطريقة فيها جانب كبير من الأمن والسلامة.. ومازالت هي وصناديق البريد تعمل حتي الآن في مناطق مختلفة من البلاد.. ألا رحم الله الصناعي القدير محمد المبارك علي أبو زيد واسكنه الله فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وجعل البركة في كل الذين تتلمذوا على يديه وان يجعل ذلك في ميزان حسناته..
والله المستعان
بقلم /أبو خالد
[/JUSTIFY] [LEFT]مع محبتي للجميع[/LEFT]سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]