* شكراً الصادق المهدي..
* فأنت كنت ـ إبان حكمك ـ عفيف اليد والنفس واللسان..
* وكنت رافضاً لأجرك الشهري، وسيارتك الميري، ومخصصاتك الدستورية، ونثريات سفرياتك..
* وكنت (رحيماً) بالمحتجين من أبناء شعبك ـ على سياسة ما ـ وما كنت (قاسياً!!)..
* وشكراً من قبل ذلك لجعفر نميري ..
* فرغم مآخذنا على نظامك ـ بحسبانه إنقلابياً ـ إلا أنك كنت مجسداً لـ(رجالة!!) السودانيين..
* الرجولة التي تأبى أن ينتهك وزير من وزرائك حرمةً ما ـ بأقاصي البلاد ـ فيُستدعى بمروحية على عجل لـ(يُصفع!!) داخل المكتب الفخيم..
* والرجولة التي تجعلك ـ أيها النميري ـ (تعف!!) عن المال العام إلى أن تترجل وأنت لا تملك سوى قليق إرث في بيت الأسرة بود نوباوي..
* والرجولة التي تمنعك من أن تفرض حرمك (سيدةً أولى!!) على نساء السودان لتغدو وتروح (متباهيةً) كما تشاء..
* والرجولة التى تمنع (أجعص جعيص) في حكومتك من التفكير في (تكسير!!) قرارتك خشية أن (يُكسر فكُهُ)..
* وشكراً من قبل ذلك لحسين الهندي والمحجوب ونقد الله (الكبير) والأزهري..
* فليس منكم من لاقى ربه ويداه ملطختان بدماء أبرياء، أو مال عام، أو نقض للعهود..
* ويكفي أن نميري حين أراد أن يحاسبكم إثباتاً لفساد الديمقراطية في السودان ـ عقب إنقلابه ـ لم يجد سوى قضية (السفنجات!!)..
* وقد ظن الناس حينها ـ من هول التضخيم الإعلامي الموجه ـ أن (السفنجات) تلك هي لواري (السفنجة) الشهيرة آنــذاك فإذا هي (البراطيش!!)..
* وأخذ نظام مايو ـ (الثوري) ـ (برطوشاً!!) على وجهه حتى هدأت (ثائرته) تجاه رموز النظام الحزبي المُنقَلب عليه..
* وشكراً من قبل ذلك لعبود..
* فأنت كنت (زاهداً!!) رغم عدم رفعك لـ(شعارات الدين) .
* وحين جاءك البعض طالباً تكفُّل الدولة بعلاج القيادي محمد نور الدين قلت قولتك الشهيرة : ( أما مال الدولة فلا، وأما مالي الخاص فنعم!!) ثم تبرعت من حُرِّ مالك بخمسين جنيهاً..
* كما عُرف عنك كذلك إرجاعك لما كان يتبقى من نثريات أسفارك إلى الخزينة العامة رغم أنها كانت (حرابيش) قياساً إلى نثريات اليوم..
* ثم حين ثار الشعب ضدك قلت إنك لا يمكن أن تحكم شعباً (غصباً عنه!!)..
* وشكراً من قبل ذلك لحكومة الذين جاءوا بالإستقلال..
* فأنتم إن لم تفعلوا سوى إنكم فرضتم على عبدالناصر سحب قواته من حلايب بـ(القوة!!) لكفاكم ذلك فخراً..
* ثم لنضف إلى ذلك رفضكم بيع حلفا، وإغراقها، وتهجير سكانها..
* وشكراً من قبل ذلك للإنجليز..
* نعم حتى الإنجليز نشكرهم..
* فهم لم (يذلِّوا) السودانيين بعُشر مقدار ما أذلَّهم نفر من (بني جنسهم!!) بعد ذلك..
* بل وشكراً حتى للأتراك من قبل ذلك..
* فمكوسهم وضرائبهم وجباياتهم التي كانت مضرب مثل في (قسوة!!) الحاكمين تجاه المحكومين لم تعد كذلك الآن..
* فقد أثبت التاريخ أن قلوب حكام التركية السابقة كانت تنطوي على قدر من (الرحمة) ..
* ثم نمضي بعيداً إلى الوراء ونشكر بعنخي وطهارقا وشبتاكا أنفسهم..
* فلولاهم لما كان السودان قد ذُكِر ضمن ما يُذكر من (إمبراطوريات!!) في كتب التاريخ..
* فهم لم ينجحوا في ما (عجز!!) عنه حاكمون من بعدهم ـ في أيامنا هذه ـ حفاظاً على حدود البلاد وحسب، وإنما ضموا إلى الحدود هذه حدوداً أخرى حتى تخوم الشام..
* وأخيراً..
* هل بقي هناك من لم نشكره؟!..
* أو بالأحرى؛ من (يستحق) الشكر؟!..
* إن كنا نسينا فذكرونا..
* ذكرونا (الفضل منو)؟!!!
بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة