ظاهرة حزب النور السلفي المصري، ظاهرة تستحق الوقوف عندها طويلاً، ذلك لما يتمتع به هذا الحزب من جرأة كبيرة لم نعهدها في تاريخ المدرسة السلفية التقليدية منها والتجديدية.
فحزب النور هو الحزب الإسلامي الوحيد الذي وقف إلى جانب الكنيسة والأزهر لتشكيل منصة دينية هائلة تعبر عليها دبابات الجنرال السيسي في الثلاثين من يونيو المجيدة.
على أن الانقلاب الحقيقي هو ما قام به هذا الحزب على عقيدته الفكرية قبل أن ينقلب على حلفائه الإسلاميين ثم وقوفهم إلى جانب الكنيسة، وكان مجرد وقوفهم مع الأزهر فيما قبل يعد كبيرة سلفية وجريرة لا تغتفر.
لم يكتف النوريون بالمشي في جنازة الإسلاميين وتشييعهم إلى المعتقلات والسجون ومشانق التاريخ فحسب، بل تحالف سلفيو النور مع الليبراليين لإنتاج دستور بديل تتضاءل فيه فرص المرجعية الإسلامية.
لقد تفوق حزب النور على نفسه في العملية الديمقراطية السيسية وهو يحث (الجماهير المقاطعة) على النزول، مطلقاً لحيّه الطويلة في الميادين والأسواق، على أن هنالك بعض (شرعية إسلامية) وتخريج فقهي للمرحلة.
وحزب النور يدرك كما الآخرين عمليات تحالف الجيشين المصري والإسرائيلي في عهد المشير السيسي (لملاحقة الإسلاميين)، فلو كان مبارك (كنزاً يهودياً) فيستحق رجل ما بعد الثلاثين من يونيو لقباً هو أعظم من الكنز.
كل تلك المواقف مجتمعه تجعل الكثيرين يتساءلون (من أين أتى هؤلاء؟) وإلى أي مرجعية يحتكمون، بل ماذا يريدون؟.
وحتى لا نظلم (المدرسة السلفية المصرية)، على أن حزب النور ليس هو كل السلفيين هناك، فعلى الأقل قد خرج الشيخ حازم أبو أسماعيل وآخرون حال أن انكشف لهم المستور!.
والمستور على الأرجح هو أن هؤلاء الإخوة يتعرضون إلى ضغوط كبيرة من قبل (الممولين الخليجيين) الذين اختاروا اغتيال العملية الديمقراطية في مهدها، فهم على الأقل الذين كافأوا الجنرال السيسي بواحد وعشرين مليار دولار غداة انقلابه المشهود.
على أن ظاهرة (الحرية والديمقراطية) يمكن أن تنتشر في المنطقة، فتهدد كل العروش العشائرية، لذلك يجب القضاء عليها في مهدها ومكامنها ومظانها، فليبيا الآن على خطى مصر، بحيث أن دبابات الجنرال حفتر تطوق في هذه اللحظات البرلمان المنتخب هناك!
يفترض أن الممولين الماديين ليس هم بالضرورة (الممولين الفكريين)، أن يشترى الآخرون المواقف العقدية فتلك أزمة قد تنسف الفكرة برمتها.
حزب النور يحرج السلفيين في مصر والمنطقة برمتها، فهو لا يمتلك تخريجاً فقهياً وعقدياً لهذه المواقف المغايرة!.
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]