مؤتمــر جوبــا .. حديث الأوزان

(التمثيل في المؤتمر للناس العندهم وزن) هكذا اختتم كمال عمر القيادي بالمؤتمر الشعبي عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر جوبا مهاتفته معي الإسبوع الفائت لحسم وإيضاح موقفهم الرافض لإشتراطات الوطني مشاركة كل القوى السياسية دونما عزل كأساس لإنخراطهم بأعمال المؤتمر.

موقف الاتحادي
وظلت مياه جوبا العكرة -هذه الأيام- كفيضان النيل دوماً ما تكذب (الغاطسين) والمنهمكين في الإعداد لمؤتمرها، فشهدت بدايات الإسبوع الحالي إعلان حاتم السر الناطق الرسمي للإتحادي الديمقراطي (الأصل) بكل وزنه وثقله عدم مشاركتهم في المؤتمر، بالرغم من أنه لم ينس إرسال رسالة (ملطفة) لقوى المعارضة فحواها أن حزبه ليس لديه أي موقف عدائي ضد المؤتمر وأن عدم مشاركتهم متعلق بأسباب خاصة لا تندرج -بتاتاً- في تقديم (عربون) لأجل خطب ود المؤتمر الوطني.
وفيما حاول السر إغلاق الباب أمام الظنون، فتح الباب على مصراعيه لتكهنات لا حد لها بأن لتبريراته (المغلظة) ما وراءها خاصة وأنه قدم إطروحة للوحدة الوطنية والوفاق الوطني الشامل توازي لمؤتمر جوبا في القوة وتضاده في الإتجاه.
كل هذا التغريد بعيداً عن أشجار جوبا من قيادي ظل ملتزماً بكيان التجمع الوطني لدرجة حوّر فيها البعض إسمه ليصبح (كاتم السر) وإعتباره -أي التجمع- الخيار الأوحد لوحدة البلاد من التمزق والتشظي، جعل كثيراً من الفاعلين يرون بأن ما يخفيه (السر) أكبر وأعظم.

اشتراطات الوطني

الإتحادي الأصل لم يكن الأخير الذي دق إسفيناً في جسد مؤتمر جوبا فسبقه المؤتمر الوطني برفضه للمشاركة بصور عديدة أبتدرها برفضه القاطع للمؤتمر لدرجة نعته بـ (الخيانة والإرتزاق) بحسب د. نافع على نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون السياسية والتنظيمية الذي صرح بأن المؤتمر يهدف لمناقشة مرحلة ما بعد الرئيس البشير بالتعاون مع قوى خارجية.
وتنبع أهمية تصريحات نافع من ثقله داخل الوطني إضافة لأنها تعبر عن مواقفه دونما مواربة وفقاً للقاعدة الهندسية الشهيرة (أقصر نقطة لنقطة الخط المستقيم)، فيما بالضفة المقابلة لتصريحاته نجدها (هماً ثقيلاً) لمعارضي سياسات الوطني -وذات الوقت- تطفيفاً لوزن المشاركين في مؤتمر جوبا.
وفي وقت لاحق لتلك التصريحات وفيما يشبه التراجع -وإن بصورة جزئية- أعلن الوطني إمكانية مشاركته في المؤتمر حال تمت الإستجابة لمطالبه المتمثلة في المشاركة والتحضير للمؤتمر الذي قال إنه يهدف لمحاكمة تجربة الإنقاذ، الى جانب مشاركة القوى السياسية كافة دونما عزل وهو مايرفضه (المؤتمرون) بجوبا، ما يعني أن الوطني كما الإتحادي في طريق واحد مؤداه النهائي بأي حال ليس عاصمة الإقليم الجنوبي.

الأمة والتأثيرات
عودة الحبيب المنتظر الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي من غيبته بقاهرة المعز لفترة زادت عن التسعين يوماً صحبها كثير من الحراك السياسي وكأنه كفارة لذلكم الغياب، فطرح مبادرة من سبعة مسارات لحل أزمة البلاد، وذهب لأبعد من ذلك بوقوفه طوعاً في مرمى نيران المؤتمر الوطني على خلفية توقيعه إتفاقاً مع حركة العدل والمساواة، لكنه وبتوقيعه إعلاناً للمبادىء مع الحركة الشعبية هذه المرة بات عالقا في مرمى الوطني -كالعادة- وفي مرمى نيران الأصدقاء.
وبينما يتخوف الوطني بحسب أمينه للتعبئة والانتخابات بروفيسور إبراهيم غندور من أن يكون الإتفاق ضمن الإطار الحزبي الضيق يتخوف المتخندقون مع الإمام بأسوار جوبا بأن يكون الإتفاق محاولة لإختطاف المؤتمر على جناحي حزب الأمة، ويوردون في تعضيد حجتهم شواهد كإتفاق المهدي مع نميري في إتفاقية السبعات الشهيرة، وإتفاقاته مع الوطني بداية بنداء الوطن ونهاية بالتراضي الوطني مع إحتفاظ ذاكرتهم بالمالآت التي انتهت اليها اتفاقاته السابقة ونتائجها سواء على الجبهة الوطنية أو التجمع الوطني الديمقراطي. وهي مخاوف إستطاع الصادق بعثها من جديد بإتفاقه والحركة من حيث لا يدري أو من حيث يدري.
وقرأ د. فيصل محمد صالح الكاتب الصحفي وأستاذ الإعلام إعلان الأمة والحركة في سياق مساعي الأول لإستباق نتائج مؤتمر جوبا وقال لـ (الرأى العام): المهدي لا يريد أن يجني مبارك الفاضل التقدير كله، ويرغب في نيل جزء منه حين خروج ثمار ونتائج المؤتمر وأضاف: حزب الأمة ليس على خلاف مع نتائج المؤتمر وإن كان له خلافات متمثلة فيمن يقوده.
الفريق صديق محمد إسماعيل الأمين العام لحزب الأمة القومي نفى كل تلك التهم وقال لـ (الرأى العام):علاقتنا بالحركة ضاربة في التاريخ وسبق أن جلسنا معهم في شقدم أثناء إندلاع الحرب وقبل مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية وأضاف: كما كان إجتماعنا والحركة إضافة لمؤتمر أسمرا سيكون وبنفس القدر إضافة لمؤتمر جوبا.

اجندات متطابقة

واكد مبارك الفاضل رئيس حزب الأمة الإصلاح والتجديد رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أن المؤتمر سيعمل على تعزيز خيار الوحدة بين الشمال والجنوب، كما ويهدف للوصول الي حل وطني لقضايا البلاد بعيداً عن التدويل وهو ذات ما ذهب اليه كمال عمر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذي لـخص لـ (الرأى العام) أهداف المؤتمر في إيجاد حل سوداني أصيل لأزمات البلاد عبر حل وطني متراضٍ عليه بين كل القوى السياسية. أما باقان أموم الأمين العام للحركة فقال إن المؤتمر سيبحث في قضايا التحول الديمقراطي في البلاد قبل الإنتخابات المقرر لها أبريل العام القادم.

الطريق إلى جوبا

الأجندات شبه المتطابقة للقوى السياسية لم تكن زاداً كافياً في رحلتها الطويلة نحو الجنوب التي ابتدأتها منذ مطلع مايو المنصرم، فقرر بعضها الإنسحاب جراء وعثاء السفر وسط مخاوف من أن أخرى تنتظر على ذات الطريق وبنفس الطريقة.
مؤتمر جوبا يمضي بخطى (متثاقلة) فرضها وللمفارقة غياب أحزاب ذات ثقل (وطعم ولون ورائحة) في الساحة السياسية، فمع تأكد غياب الإتحادي وربما الوطني ومخاوف من تأثيرات إعلان المبادىء بين الأمة والشعبية، مايعني ان المؤتمر الذي وزعت رقاع دعوته سيلتئم بمن حضر،ما يجعل بضاعة كمال عمر عن مشاركة من لهم وزن مردودة اليه ومن مؤتمر جوبا (الخاسر الأكبر) .
مقداد خالد :الراي العام

Exit mobile version