طرادة النميري

[JUSTIFY]
طرادة النميري

واليوم هو 25 مايو.. ولهذا التاريخ وقع في ذاكرة الشعب السوداني وتاريخه وذكرى في قلوب الكثيرين من الذين عاصروا مايو.. شربوا عصيرها أو عصرتهم.
كان الراحل النميري في آخر أيام حكمه قد أخرج بعض العملات الورقية وجعل صورته عليها لعل أشهر تلك العملات فئة الخمسة والعشرين قرشا (الطرادة) ولعل رقمها وافق تاريخ الثورة المايوية أو الانقلاب العسكري.
لقد تطاول العهد بذلك العهد وجاءت ذكرى مايو هذه المرة بلا بواكٍ أو أفراح فأصبحت تاريخا مثل أكتوبر التي اقتلعتها مايو أو مثل أبريل الذي اقتلع مايو ولاحت الأغنية (الكاتل جنب الكاتلو مات)..
لعل التأثر على فقدان طرادة النميري أشد من التأثر على نظامه وأيامه بكل تقلباتها وانقلاباتها لما بدأ الرجل يساريا وانتهى يمينيا أزهق في مدة حكمه أرواحا وأهرق الخمر وأرهق الشعب قبل أن يحن الشعب إليه مرة أخرى كما حن لسلفه الأزهري ومن قبلهما عبود ومن بعدهما الصادق المهدي فـ(يا حليل الراحوا) هي أغنية الشعب السوداني المفضلة..
ها هي مايو قد مضى على انقلابها قرابة النصف قرن ولا يزال قرن البلاد يناطح الصخر وإن أصبحت خاء الصخر فاء..
لم يصدق النميري أن الشعب قد هب عليه وهو الذي توهم كما توهم الذين من قبله ومن بعده أن الشعب (ليهو زمن يفتش ليهم وجوهوا الليلة كايسنو).
لقد حكم النميري فترة كبيرة في تاريخ السودان الحديث ولعل اقتطاع ستة عشر عاما من فترة ما بعد الاستقلال تبقى فترة مقدرة فإن القراءة الناقدة لذلك الزمن وتلك الفترة لم تكتمل بصورة محايدة لصالح التاريخ الوطني فمن المؤرخين من يعد فترة مايو من أخصب الفترات ومنهم من يعدها فترة قعود وانتكاسة وتبقى كثير من الشهادات مطلوبة لصالح التوثيق لحقبة من الزمان شهدت أحداثا جساما ومفصلية منذ التوجه اليساري مرورا بالانقلاب على اليسار وكثرة الانقلابات والدماء التي سالت نازلة من الذين طلعوا درج السلطة من الفلاسفة والشجعان والأصوليين.
لقد امتدت أيدي النميري ونظامه إلى خارج الحدود وامتدت إليه يد الخارج إما بالمساعدة أو الطيران كما في الضربة الليبية، وإن كانت ليبيا القذافي العدو الأول للنميري قبل أن تصبح عدو نفسها اليوم لمّا أصبحت بلا استقرار.
أرى أن الذين تبقوا من مايو قد آن لهم أن يتحدثوا.. وهذه أيام أبو القاسم محمد إبراهيم وعمر محمد الطيب فالجميع ينتظر إفادتهما.. لعل الحكومة تستفيد من حوارهما مع أحزاب زمان ما بعد سنة 76 وكيف تسببوا في إسقاط مايو!!؟

[/JUSTIFY]

هتش – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version