رهاني على الحالة السورية

ما من احد يعجبه الذي يحدث على الاراضي السورية ولا احد عاقل به ذرة من العقل يبدي فرحا لهذا المآل ، لان الحال هو حال القتل والدمار والهدم وقطع النسل ، والتطهير العرقي ، بل وانهاء الوان معيّنة من دماء البشرية ومحوها من التاريخ ..
حين اندلعت ما سميّ بثورة في سوريا ساعتها قلت لمن هم حولي ويتناقشون معي ان الذي سيجري في سوريا مختلف صدقوني ليس كما جرى في تونس وليبيا و مصر ، انه مختلف تماما لأنها النقطة المركزية للتغيرات المطلوبة في المنطقة ، والامر فيها لن يكون سهلا لكل الاطراف ،،
استمرت الثورة وتوسعت رقعة القتال وصنوفه وتنوعت انواع الاجتماعات لحل المشكلة وتلونت المواقف الدولية وكل اتى بمقياسه ليقيس ما الذي يجري فكان المقياس او المنظار غير دقيق ، ورغم ان الموقف فاجأ دولا مثل ايران والعراق ان يكون بهذا الحجم وكذلك الهيئات والاحزاب الإقليمية كحزب الله الا انهم سريعا ما تفهموا وامتصوا الضربة الاولى ونزلوا الى الملعب بكل قوة ودهاء .
اجتمعت الدول العربية و كالعادة كان اجتماعها ليزيدها تفرقة ، وخرجت بلا شيء ، بل كان هناك اندفاعا قويا من بعض الدول تجاه هذه المشكلة ,, ونادوا بسرعة توجيه ضربة عسكرية كما حدث في ليبيا وينتهي امر بشار ، الا ان الدول المعنية بالأمر اكثر من العرب او الذين يمسكون بأطراف اللعبة لم يتفقوا بل ادى الامر الى تحديات دولية اعادت العالم للحرب الباردة الخفية ..
في اللعبة السورية فطنت روسيا لأمر فات عليها في مسالة العراق وهو ان الغرب او الاتحادي الاوربي وامريكا يخفون امور كثيرة تحت ادعاءاتهم المغلفة بالعدالة وحقوق البشر .. فكان لابد ان تظهر انها مازالت مركز قوة في العالم وانها طرف وفاعل في أي مسألة دولية ، وليس كما خيّل للغرب انهم اصبحوا تبعا لأوامر الغرب ورغباته .. فكان الفيتو هذه المرة يصول ويجول في مجلس الامن واحبط الامريكان واحلافهم ..
بالطبع ظلت الدول العربية ــ وتقودها الدول التي تظن ان انتصار بشار هو انتصار لإيران ومحورهاـــ ان عليهم تقديم الدعم للمعارضة المسلحة ودعمها بكل قوة وكان هذا التفكير ما لفت نظري الى ان المسألة السورية ستكون اعقد واصعب من كل المسائل .. وذلك لان الدول العربية باتفاقها بدعم المعارضة المسلحة ستهدي نفس الفئات التي حاربتها واعادتها من افغانستان هذا السلاح ، لان المعارضة السورية كانت اسم وظل لفيل لا يراه احد وساعتها قلت هذا هو الخطأ الذي سيجعل بشار منتصرا وحين تنقلب الحرب الى دينية وتضيع دماء الاطفال والنساء والشيوخ نعم سينتصر بشار لان المعارضة اعتمدت على قوات ومقاتلين لا ترحب بهم الدول التي اتوا منها ولا يرغبون في ان يتدربوا ويكتسبوا دروسا في فنون قتال العصابات والجماعات المتمردة المشتتة والتي لا مكان لها .. فهذا سيدخلهم في متاهات ..فحتما ستتخلى عن دعمهم ..
وبعد ان فطنت هذه الدول الى نوعية الجماعات التي تقاتل جيش بشار تراجعت والتفتت الى من يهاجر ويسافر من اراضيها للقتال وسنت القوانين المانعة لذلك وبالتالي انقطع الامداد البشري وتقلص التسليح خوفا ان يقع في ايدي هذه الجمعات ..حتى دول المحور الاوربي لم تسلم من ذلك
ولا يخف عليكم اكتشاف الذكاء الايراني والبشاري في خلق جمعات تدّعي انها من طائفة المعارضة وقاتلت الجيش النظامي قليلا كداعش وغيره ،وسرعان ما تبدل الحال وانقلبت على الحلفاء وجماعات الجيش الحر وهنا كانت قاصمة الظهر . فالجماعات التي كان ينادى بدعمها اصبحت ارهابية ويخشى امرها رغم انها هي التي كانت تقاتل بشار ..
ايران استعملت الذكاء واللعب المخابراتي البعيد عن التصريحات كما فعلت في العراق .. فهي حاربت العراق ثمان سنوات وانهزمت الا انها اعادت ما اخذه صدام طواعية وكانه علبة حلوى وباعتذار من صدام امام العالم على التلفاز . بل ايران والتي قاتلها كل العرب وبدعم امريكي غربي احتلت كامل العراق وبدون رصاصة او قتيل واحد من جيشها . احتلت العراق بالأموال الخليجية والقوة الامريكية والعربية والان لا احد من غير موافقة ايران يستطيع ان يكون له شان في العراق ..
فها هي حكومة العراق واركان العراق كلها تتحرك بإشارة من اصبع ايران .. والادهى ان ايران بهذا الاحتواء والاحتلال استطاعت ان تضغط على العالم فيما يخص برنامجها النووي وتجبرهم للاتفاق حسب ما تريد ..
سينتصر بشار بعد تفرق المعارضة وضعفها وهذا ما لا نريده وستكون ايران هي الاب الشرعي لسوريا من جديد وحزب الله ستكون له السطوة الكبرى والهيمنة على الساحة اللبنانية ولن يكون هناك عائق او حائل لتدفق السلاح من سوريا لحزب الله داخل لبنان ..
وحزب الله ينتظر هذه اللحظة ومن ثم سيكون لبنان تحت حكمه ان شاء او ابى ، وان عادت حماس الى الحضن الفلسطيني فسيعمل العاملون تحت الظلام لإشعال الحرب في المنطقة ..الا ان المؤسف في الامر ان مصر سوف لن تكون قادرة على فعل أي دور عسكري او سياسي لأنها ستكون مقلمة الاظافر اقتصاديا وسياسيا ولن تجد من يدعمها ..
السنوات القادمة حبلى بمفاجآت وتغيرات في الخريطة الجيوسياسية وكذلك ستتغير احلاف ربما كانت امريكا هي الخاسر الاكبر ونسأل الله السلامة
المثنى
Exit mobile version