كنت أحد المشاركين في ندوة حملت اسم «وجهات نظر سودانية للمشهد المصري»، نظمها الاتحاد العام للطلاب السودانيين بالاشتراك مع صحيفة «الصيحة» الغراء، قدمها زميلنا الدكتور ياسر محجوب الحسين، رئيس تحرير «الصيحة»، وشارك فيها الأساتذة الدكتور ربيع عبد العاطي، والباشمهندس الطيب مصطفى رئيس منبر السلام العادل، وكاتب هذه الزاوية، بينما غاب آخرون كان وجودهم سيثري الندوة بالطرح والأفكار والرؤية والتحليل، ولكن كما نقول في مثل هذه الحالات، فإن «الغايب عذرو معا».
يطالع القارئ في غير هذا المكان رصداً لما دار في الندوة التي أقيمت في مركز الشهيد الزبير للمؤتمرات بالخرطوم، والمداخلات الثرة التي جرت، ومنها مداخلات لم يعرف أصحابها المجاملة، وأخرى كانت متوازنة ووسطية، وآخرون قدموا حقيقة رؤية موضوعية أفاد منها المشاركون بالحديث والحضور، وما عندي شك في ذلك.. لكن الذي استوقفني حقيقة هو ما جاء على لسان صديقنا الباشمهندس الطيب مصطفى الذي قال إنه لا يتحدث باسم المنبر، بل يعبّر عن نفسه فقط، لأن الرأي الشخصي دائماً ما يكون حراً، أو كما قال.
لقد أكد رئيس منبر السلام العادل، ولكن بصفته الشخصية، على أهمية العلاقة مع مصر، مع تبيان موقفه الرافض لما يجري على أرضها الآن، معلناً تضامنه مع جماعة الإخوان المسلمين ورفضه لكل مخرجات الانتخابات الرئاسية المصرية، وقال ضمن ما قال إن «شيطنة» الإخوان المسلمين في أجهزة الإعلام المصرية لن تستمر إلى الأبد، حتى وإن أقبلت مصر على عهد ديكتاتوري جديد، وإن ذات الإعلام يمكن أن يعمل على تغيير تلك الصورة في مقبل الأيام.
حاول البعض أن يصف ما حدث في مصر بأنه استئصال للإسلام والمسلمين، في حين أنه غير ذك، وقد رددت في التعقيبات التي تلت الحوار، أن ما يحدث الآن في مصر هو صراع سياسي بين كتلتين مختلفتين، لكنه لم يكن ولن يكون استئصالاً للإسلام، فقد عرفت مصر الإسلام منذ عهود الخلافة الراشدة في عهد أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقام فيها الأزهر الشريف قبل أكثر من ألف عام، أي قبل تأسيس جماعة الإخوان المسلمين على يد الإمام حسن البنا عام 1928م.. وهذا يعني أن المؤسسة الدينية موجودة في مصر منذ زمان بعيد، لكن كلاً من طرفي النزاع يريد أن يكون الأمر بيده وحده في شأن الدين.. والدنيا.
وأكثر ما وجد الاستحسان ما بدأ به الدكتور ربيع عبد العاطي، الذي قال إن ما يحدث في مصر شأن داخلي، علينا أن نتعامل معه من تلك الزاوية رغم تأثيراته المباشرة على السودان.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]