*برغم أن ما يجري من انتخابات لاختيار رئيس جديد في العزيزة مصر يعد شأناً داخلياً، غير أنه لو أن هناك دولة عربية واحدة شأنها وترسيم ملامح أفكارها يعد شأناً إقليمياً لكانت بلا منازع هي أم الدنيا مصر.
*فكيفما ما تكون مصر تكون الدول العربية كلها من المحيط إلى الخليج، وهنا تكمن خطورة تشكيل المسرح الداخلي المصري، فلئن قاتلت مصر وأشهرت سلاحها فإن مئات الآلاف من السيوف العربية ستشهر، وإن صالحت مصر فإن كل السيوف العربية ستعود أدراجها وإغمادها.
*فمن المؤكد حتى الآن أن (الرئيس المرشح) المشير عبد الفتاح السيسي، ليس فقط هو الرئيس القادم، بل هو الرئيس الفعلي منذ تحرك ثلاثين يونيو الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي.
*ويفترض أن السياسة هي عقلنة الواقع لا شيطنة، على أن ننظر نحن الذين خارج المسرح المصري لهذه الحقيقة، ثم لنبحث عن أفضل الطرق للتواصل مع الشقيقة مصر على عصر الرئيس المرتقب عبد الفتاح السيسي.
*والمشير السيسي مهما اختلف الكثيرون حول عمليات استحواذه للسلطة، فهو حتى الآن (رجل ابن بلد) قابل للتفاعل مع القضايا العربية والإسلامية بشيء من المعقولية، وهو يشبه تماماً الحالة القيمية والأخلاقية التي كان عليها الرئيس مبارك عند تسلمه السلطة في مصر.
*غير أن الماكينة الإعلامية الرهيبة هي التي في كل مرة قادرة على (صناعة الفرعنة) الذين شاهدوا ذلك الفيلم الهائل التي عرضته الجزيرة في وقت سابق تحت عنوان (مبارك والعائلة) ربما صعقتهم الدهشة، كيف لابن الريف البسيط مبارك أن يصبح فرعوناً، هل تصدقوا أن مبارك الذي انتهى (لكنز يهودي) حسب وصف الإعلام الإسرائيلي رفض في بادئ حكمه أن تظهر زوجته في الميديا، على أن ذلك عيب حسب التقليد الشعبي.
*غير أن السيدة سوزان مبارك في خاتمة المطاف أضحت أقوى من الدستور المصري، فإذا ما تعارض مع رغباتها نص في الدستور يذهب النص والدستور، وتبقى رغبات السيدة الفضلى.
*غير أني بت أخشى على الرئيس المرتقب عبد الفتاح السيسي من ذات المصير، إذ أن الإعلام أصبح يقدمه من الآن على أنه (الرجل الأسطورة) الذي ستنتهي كل أزمات مصر على يديه.
وسيكون أول المتضررين من هذا (الأدب الإعلامي) هو السيسي نفسه، فالإعلام في هذه المرحلة لا يهمه سوى فوز الرجل، وذلك دون التعقل لمنظورات الواقع الاقتصادي والأمني المأزوم.
*فمصر التي تذهب إلى المائة مليون نسمة هي أكبر مستهلك للقمح في العالم، قمح لا تملك منه أكثر من عشرين بالمائة فقط، فالخليج الذي تهتز الأرض تحت أقدامه وآبار نفطه بسبب (الحرب الطائفية المستعرة) لا يمكن الرهان على دعمه المتواصل.
*وفي المقاب إلى متى ستظل مصر الدولة الثالثة في جدول المعونات الأمريكية بعد إسرائيل وباكستان مباشرة، وفي هذه الحالة إن الأمة العربية برمتها بما فيها قضيتنا المركزية كلها ستدفع ثمن القمح الأمريكي.
*غير أن ملامح الفرعنة قد بدأت على الرجل السيسي على أنه المخلص لا غيره، وهو يراهن على قدراته وغزارة علمه وحكمته، والإعلام ذاهب في صب الزين على نار صناعة الفرعنة. ونخشى والحال هذه أن ننتهي إلى ثقافة (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ).
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]