وحتى لحظة كتابتي لهذه السطور لم ينفض اجتماع مجلس التنسيق بحزب الأمة القومي الذي يناقش مستقبل علاقة الحزب بالحوار الوطني.. وهو الاجتماع الذي اقتيد الصادق المهدي قبل التحاقه به..
الأسباب الظاهرة لهذا الإجراء حتى هذه اللحظة.. إما أن تكون الخطبة (الملتهبة) للصادق أمام الجماهير والتي هاجم فيها مباشرة جهاز الأمن والمخابرات الوطني بعبارات حادة.. أو تداعيات الاتهام الموجه من نيابة أمن الدولة للسيد الصادق المهدي حول تصريحاته التي انتقد فيها (قوات الدعم السريع) واتهمها بالإفراط في استخدام العنف ضد المدنيين.
بالتأكيد، هذا التطور يؤثر مباشرة على (الحوار الوطني الشامل) الذي يشكل عصب برنامج الحكومة وحزبها الحاكم في هذه المرحلة.. وبقراءة ذلك مع التصريحات الصادرة من حزب حركة الإصلاح الآن (بزعامة د. غازي صلاح الدين) على لسان الناطق الرسمي للحزب د. أسامة توفيق.. والذي اتهم (عناصر في المؤتمر الوطني بالسعي إلى تعطيل الحوار بسبب خشيتها على مناصبها) على حد قوله.. فإن المؤشرات تدل على أن ركاب القطار بدأوا يفكرون في النزول في أول محطة بعد أن أعياهم انتظار تحرك قطار يبدو أنه بلا (عجلات)..!!
ولقد كتبت هنا كثيراً.. أنبه الجميع إلى أن (يوميات!!) هذا الحوار تبدو أفرغ من فؤاد أم موسى.. من أي هموم وقلق على الوطن الذي يحترق في أطرافه ويغلي في وسطه من الأزمة السياسية المتلبسة بـ(جن!) أزمة اقتصادية.. وأن(فراغ) الحوار سيملؤه اليأس.. وهو وقود الانفجار..
حزب المؤتمر الوطني يستهلك في الزمن على أمل أن (يموت البعير.. أو الوزير).. خاصة مع علمه اليقين بأن المعارضة في أتعس حالاتها.. وأنها غير قادرة على مجرد إقامة ندوات جماهيرية تجيش بها الشارع خلف أجندتها.
لكن الذي لم تحسب له الحكومة حسابها.. هو الوضع العام في البلاد.. هذه الأزمة السياسية التي تستحكم حلقاتها كل يوم.. تعتصر الاقتصاد السوداني كله.. ويوماً بعد يوم تنهار البنيات الإنتاجية في البلاد.. وسيستمر مسلسل الانهيار بمتوالية هندسية لن يكون متاحاً التحكم فيها.
من الحكمة أن ندرك أن الوطن لا الوطني هو الذي ستعصف به هذه الأوضاع. وأن المطلوب الآن قبل الغد الاتجاه نحو (حل).. وليس مجرد (حوار).. وبكل تأكيد (الحل) لا يمكن أن يأتي من صلب أصحاب (المشكلة)..!!
حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]