ركود الأراضي وركود البرلمان

[JUSTIFY]
ركود الأراضي وركود البرلمان

قرار حظر بنك السودان تمويل العقارات ظهر أثره سريعاً ولو بشكل طفيف ليس في أسعارها فحسب، بل في الانخفاض النسبي في أسعار الأراضي التي تُبنى عليها، صحيح أن مضاربين وسماسرة في القطاعين أحجموا عن التصرف فيما بين يديهم منها، منتظرين (مرور العاصفة)، أو منخرطين في ابتكار (حيل) جديدة يحافظون بها على سقف الأسعار الراهن، وهذا دونه خرط القتاد، إذا ما مضى المركزي في تطبيق سياسته بصرامة.
وتدريجياً، وكنتيجة طبيعة لهذا القرار ستنخفض أسعار العقارات والأرضي معاً، وستلحق بها الإيجارات (فتدق الدلجة)، أما (بتاعين) الشقق، فليس أمامهم غير خيارين، إما أن يخفضوا أسعار البيع وقيمة الإيجار، وإما أن يغلقوا أبواب عماراتهم و(يشوفوا ليهم شغلانة تانية).
حقيقة، ما يحدث في قطاعي الأراضي والعقارات أمر يستحق أن تمارس فيه الحكومة بعض المسؤولية، ليس بالتدخل المباشر، وإنما بإجراءات أخرى تُضاف إلى قرار المركزي، مثل مُحاربة بؤر الفساد التي تُضارب فيهما، ومطاردتها حتى (ينشف ريقها)، وتجف (ينابيعها).
فلا يمكن أن نصدق أن أسعار عقارات الخرطوم تفوق نظيراتها في دبي ولندن، وأن (بيت طين) في أقاصي الخرطوم يفوق سعره (فيلا في ويست منستر)، أليس هذا تخريفاً بالغاً؟
لذلك دعونا نسأل الله ببركة هذه الجمعة أن تنخفض أسعار العقارات والأراضي والإيجارات حتى يتمكن من حيازتها (عمال اليوميات، بائعات الشاي) وذوي الدخل المحدود.
وببركة هذه الجمعة، لا يفوتنا أن نسأل الله أن يبدل برلماننا بآخر أفضل منه، وأن لا يبقى ولا يذر من أعضائه أحداً، ويأتي بآخرين لا يهرجون في الصغائر ويصمتون في الكبائر. فأول أمس كادت قبته أن تسقط جراء هجوم نوابه الكاسح على الإمام الصادق المهدي في قضية لم يبدأ التحقيق فيها بعد، فكيف لهم أن يتركوا كل القضايا التي فوضهم المواطن لتمثيله من أجلها وينخرطوا في اتهام الإمام في قضية (قوات الدعم السريع) بالخيانة العظمى، والعمالة والارتزاق إلى آخر القائمة، بينما كان لهم أن ينتظروا مثوله أمام المحكمة التي هي الجهة الوحيدة المخول لها إثبات أو نفي تلك الاتهامات، فالبرلمان، ليس سلطة قضائية.
وأخيراً، مهما بلغ بأحدنا اختلافه السياسي مع الإمام مبلغاً، لا يمكنه التشكيك في وطنيته حد اتهامه بالخيانة العظمى والعمالة، فالصادق المهدي رجل وطني من طراز فريد نختلف معه أم تتفق لذلك فالقدح في ذمته الوطنية بهذه الطريقة يبدو وكأنه مسرحية عبثية لا تقبل خشبة عرضها غير خشبة (برلماننا) الراهن، فكيف سيكون حاله يا تُرى فيما لو برأت المحكمة الإمام مما نُسب إليه من اتهامات، وأين سيدخل (البرلمان) حينها؟ أما كان أفضل له أن ينتظر الحكم، أم هو (الركود) يجعله يحن إلى الاندفاع كلما سمع (خريراً)؟!

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version