أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس الأول أن موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي استقال من منصبه وسيغادر منصبه فعليا في نهاية شهر مايو الجاري ليس في الأمر مفاجأة. فالخطوة كانت متوقعة بسبب فشل جهود التسوية السلمية للأزمة السورية، ولكن السؤال الأهم الآن في نظري ليس كيف، ولماذا استقال الإبراهيمي، ولكن من الذي سيخلف الإبراهيمي في هذه المهمة شبه المستحلية، ولعل الحيرة كانت بائنة في ملامح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي ونبرة صوته حين قال للصحافيين “بأسف بالغ قررت أن أقبل طلب الإبراهيمي مغادرة منصبه، وعندما سئل عن خليفة الإبراهيمي رد عليهم الحيرة في عينية: أعطوني بعض الوقت للعثور على الشخص المناسب!
وتلك ستكون المهمة الأصعب أمام الأمين العام للأمم المتحدة فإذا كانت خبرات الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان لم تسعفه في المهمة، وكذلك خلفه الإبراهيمي بكل تجاربه الدبلوماسية فشلا في التوصل إلى تسوية سلمية للازمة، فترى من هو (رجل المستحيل) الذي يملك (مصباح علاء الدين) لتولي المهمة واقناع أطراف الصراع في سوريا الذهاب إلى جنيف 3 بعد فشل جنيف 1 و2، ووضع حدا للأزمة السورية التي بلغت عامها الثالث وراح ضحيتها نحو 150 ألف شخص.
العثور على الرجل المناسب سوف يستغرق أطول وقت وليس بعض الوقت، كما أشار الأمين العام، فالإبراهيمي منذ تسلمه الراية من كوفي عنان في العام 2012 سعى مستفيدا- من خبراته الدبلوماسية إلى التأكيد على أن لكل مشكلة حل مهما بلغت درجات التعقيد، وكان الإبراهيمي الرجل الثمانيني الذي عركته التجارب الدولية في تسوية النزاعات يؤمن بالحل السلمي للأزمة السورية، وكان في نظر الكثيرون الرجل الأنسب لخلافة كوفي عنان لتمتعه بصفات الصبر والهدوء والإنصات إلى الآخر وعدم استفزازه، كما أنه كان محل ثقة الأطراف، ومع كل هذه الصفات وغيرها التي توجته دبلوماسيا بارزا على المستوى الدولي فشل الإبراهيمي في إحداث الاختراق المطلوب في الأزمة السورية لتعقيدات من داخل الأزمة وأطرافها أكثر منها بسبب الوساطة.
توقيت إعلان الاستقالة التي كان المراقبون يتوقعونها فور فشل محادثات جنيف 2، توقيتها الراهن يكشف بأن الرجل كان ممسكا بالأمل في إمكانية انعقاد جنيف3، ولكن قاصمة الظهر جاءت من إصرار النظام السوري على قيام الانتخابات الرئاسية في الثالث من شهر يونيو، رغم مطالب المعارضة السورية بتنحي الرئيس الأسد وبتشكيل هيئة حكم انتقالية، استنادا إلى مقررات مؤتمر جنيف 1 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118، ففضل الإبراهيمي إنهاء مهمته قبل ثلاثة أيام فقط على الانتخابات.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي