حرب دارفور انتهت..كسر المحرمات

قبيل مغادرتهم منصبيهما الرفيعين في قوات حفظ السلام المشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي بدارفور المعروفة اصطلاحا بالـ(اليوناميد) اطلق القائدان العسكري والسياسي للمهمة تصريحات مدوية سيكون لها توابعها من ردود الفعل والاقوال من الاطراف المباشرة وغير المباشرة في ازمة دارفور، والعنوان العريض لتصريحات رودلف ادادا القائد السياسى للقوة والجنرال مارتن اقوى القائد العسكرى ان الحرب في دارفور انتهت.
ولم يعد هناك سوى نشاط لقُطّاع الطرق وبعض التفلتات الامنية وان حركات دارفور المتشظية باتت تقاتل بعضها البعض وانشلغت بصراعها الداخلي ولم تعد تشكل تهديدًا امنياً مباشرًا باستثناء حركة العدل والمساواة، الرجلان يغادران منصبيهما لأسباب مختلفة وفاء المدة بالنسبة للجنرال النيجيرى مارتن اقوى وسيخلفه الجنرال الرواندي باتريك نيامفومبا هذا الاسبوع، اما رودلف ادادا وزير خارجية الكنغو السابق الذي تولى قيادة اليوناميد منذ ان حلت محل قوة الاتحاد الافريقي في يناير من العام 2008م قدم استقالته نهاية يوليو، بقرار هو (خيار شخصي) وسيترك مهام منصبه الاثنين المقبل ولكن خليفته لم يعين بعد.
وقبل ان يترك ادادا منصبه كقائد اكبر قوة لحفظ السلام في العالم، دافع عن نفسه في مقابلة مع وكالة الانباء الفرنسية قائلا: حققت نتائج، والنتيجة الاهم هي وقف القتال في دارفور، اريد ان يتم الحكم على عملي وعمل يوناميد من خلال اعداد القتلى في الاقليم (منذ بدء انتشار القوة الهجين فيه) هذه هي الطريقة التي ينبغي الحكم بها على الامور.
ادادا تعرض لعاصفة من الانتقادات من قبل اعضاء في مجلس الامن الدولي ودبلوماسين بسبب تصريحاته التي تصنف فى خانة السند للحكومة السودانية خصوصا عندما قال في ابريل الماضى ان الصراع في دارفور اصبح منخفضاً ولم يقر بوجود ابادة جماعية، وفي ذلك يترافع ادادا فى مقابلة الوكالة الفرنسية ويقول: «نعم لقد كسرت احد المحرمات، احد المحرمات التجارية الذي يقول ان هناك ابادة جماعية في دارفور». ويضيف: «للاسف قول الحقيقة هو نوع من كسر المحرمات».
الحقيقة التي نطق بها ادادا ساعة الرحيل قالها الجنرال مارتن اقوى لتتطابق وجهات نظر القيادة السياسية والعسكرية لليوناميد حينما اكد إن دارفور لم تعد في حالة حرب، وأن حركة العدل والمساواة هي الوحيدة القادرة على شن حملات عسكرية محدودة وأكد للصحافيين بأن الصراع تقلص الآن الى أعمال سرقة وأن اشتباكات بسيطة قد تستمر في دارفور لسنوات اذا لم يتم التوصل لاتفاق للسلام.
تصريحات الساعات الاخيرة للرجلين يتوقع ان تثير ردود فعل غاضبة من بعض الجهات الغربية لكونها تمثل دعما قويا للحكومة السودانية وكما انها يمكن قراءتها من جهة اخرى على انها مرافعات يقدمها الرجلان في وجهة الانتقادات لليوناميد بأنها مهمة فاشلة او اعترافات بتحسن الاوضاع في دارفور ورسالة للعالم بأن ما تتناقله وسائل الاعلام وما يصرح به الدبلوماسيون ليس هو الحقيقة فنحن نتحدث عن تجربة ميدانية من دارفور، ونقول ان الحرب انتهت ولكن الازمة قائمة وغياب الأمن حاضر وبالتالي الكرة في مرمى السياسيين والوسطاء الدوليين لإنهاء الازمة من خلال الحوار المفضى الى السلام الشامل وفي حال اضافة تصريحات مبعوث الرئيس الامريكي الخاص الى السودان سكوت غرايشون في يونيوالماضى التي قال فيها إنه رأى «بقايا ابادة»، ولم يصف الوضع بالابادة الجماعية فضلا عن تحركاته الحالية لتوحيد فصائل دارفور وتهيئة المناخ لاستئناف جولة المفاوضات.
كل تلك التطورات الايجابية في حال اضافتها الى هذين التصريحين يمكن التفاؤل بأن جولة المفاوضات القادمة بين الحكومة والحركات الدارفورية يمكن ان تخرج بنتائج من شأنها التسريع بالحل السلمي قبيل نهاية العام الحالي.
محمود الدنعو :الراي العام

Exit mobile version