أحرجتونا

[JUSTIFY]
أحرجتونا

أرجوكم، بعيداً عن الكراهية والسياسة.. هذه حالة إنسانية خاصة.. المسكين (إيهود أولمرت) رئيس وزراء إسرائيل (السابق).. يتعرض هذه الأيام لكارثة مؤلمة.. حكم عليه بالسجن ست سنوات حسوماً.. أتعلمون ما هي جريمته؟

الرجل متهم بقبول رشوة قيمتها (144) ألف دولار.. فقط لا غير.. في مشروع إسكان.

رئيس الوزراء تعرض لاستجواب الشرطة وهو في سدة الحكم.. خمس مرات (جرجروه) إلى أقسام الشرطة للتحقيق وهو يتمتع بكامل حصانة المنصب الأول في الحكومة.. وثلاث مرات حققوا معه في مقر رئاسة الوزراء..

في قانون إسرائيل ليس هناك (رموز الناس).. وحقوق المواطنة لا تمنح ميزة لوزير دون خفير..

واضطر رئيس وزراء إسرائيل تحت ضغط التحريات والتحقيق المتواصل لأن يستقيل من الحكومة..

ومع ذلك لم يسلم من المحاسبة. طالته يد العدالة وأصدرت المحكمة هذا الحكم الكبير.. (6) سنوات في السجن.. بسبب (شوية!!) رشوة لا يقبل بها أصغر موظف عندنا في حكومتنا هنا!.

النيابة في إسرائيل لتنتهي القضية ويذهب إلى بيته كما ولدته أمه.. لم تمنح رئيس الوزراء حق التمتع بـ(التحلل).. ففي قانونهم (يحلك الحلّ بله) إذا تجاوزت القانون.. ولم تحله إلى (التحكيم).. ولم تجتهد في البحث عن أي حل يليق بـ(ابن الأكرمين) من مصير الرجرجة والدهماء من عامة الشعب.. الذين يسري عليهم القانون فوراً وبأغلظ ما تيسر.. وتستقبلهم جدران (سجن الهُدي) أو سجن أمدرمان بلا أدنى تردد حتى ولو كان المبلغ محل القضية لا يزيد عن مائة جنيه.

لو كان هذا الإسرائيلي المسكين.. هنا في بلدنا السودان.. أصلاً لما تجرأت عين أن ترفع حاجب (التهمة) لتنظر إليه.. فنحن الملائكة الكرام البررة.. ثم ماذا تعني رشوة بـ(144) ألف دولار.. بالجنيه السوداني حوالي الـ(مليار)؟.. وهو في مقام (الرشوة) مبلغ يسير، فلائحة رشاوى قضايا الفساد تجاوزت هذا الرقم بكثير.

الذي يغيظ في هذا الخبر أنهم (يهود).. صهاينة.. ومع ذلك يتمتعون بـ(الحكم الراشد).. الناس في بلدهم سواسية.. تحت سقف القانون.. لا تنفع حصانة ولا شرف ولا جاه.. ولا قبيلة..

أعرفتم الآن لماذا يهاجر السودانيون (عبر الأسلاك الشائكة) إلى إسرائيل.. هرباً من حكم دولة الإسلام.. إلى حكم بني علمان؟.. إنها رحلة البحث عن الحكم الرشيد.

عندما دخل الإعرابي مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم.. اختصر الرسالة في جملة واحدة (جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد).. تلك هي أعظم مراقي الحرية الحقة.. حرية الضمير الذي لا تستعبده سلطة مهما سمقت..

بصراحة.. أحرجتونا.. يا بني إسرائيل.

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]

Exit mobile version