ليس هناك معنى لأن تضيء أنوار الخشبة، وصالات العرض، وتدفع بالممثلين إلى الظهور بكامل أزيائهم وإكسسواراتهم، مع تجهيز الديكورات الخاصة بمسرحية يغيب عنها الجمهور.
مسرحنا السياسي يحتاج إلى (دعاية) خاصة حتى ينجح مؤلفو العمل ومخرجوه من جذب المتفرجين. والمسرح السياسي لم يكن في يوم من الأيام شبيهاً بالمسارح التقليدية التي تقدّم لنا الأعمال المسرحية الكوميدية أو الدرامية أو التراجيدية، التي يتفرج عليها جمهور المسرح فيبكي أو يضحك أو ينفعل مع مجرياتها تأثراً بما يشاهد.
المسرح السياسي يختلف، لأنه يعتمد على نظرية سقوط الحائط الرابع، أو ذلك الحائط الوهمي بين الممثلين الذين يجسدون أفكار المؤلف ورؤية المخرج، وبين الجمهور الذي ليس له دور سوى أن يتفرج، ويعلق بعد ذلك ناقداً للعمل أو مشيداً بأداء زيد من الناس وقدرات عبيد أو عمرو.
سقوط الحائط الرابع مهم جداً في المسرح السياسي، لأنه يعني هدم الفاصل الوهمي بين الجمهور وبين خشبة المسرح المحاطة بثلاث حوائط عدا الواجهة التي يقابلها المتفرجون، وهي نظرية لا يعمل بها المسرحيون كثيراً، وهي مما يمكن أن نسميه المسرح التفاعلي، ولا أظن أن جماعة في السودان تقوم بهذا العمل سوى مجموعة (مسرح في الهواء) الذي يقدم بصورة راتبة في قناة الشروق الفضائية، وقد فاز مؤخراً بجائزة عربية ميّزته على غيره من برامج.
نعود من جديد لندخل إلى المسرح السياسي الذي أضيئت خشبته، وأطفئت أنوار صالته وبدأ الممثلون الصعود إلى الخشبة لتحية جمهور غائب.
افتحوا الأبواب.. وأشركوا الجميع فالذين تنادوا إلى الخشبة لا (يمثلون) إلا أنفسهم.. ولا (يمثلون) إلا عليها.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]