حياتي مع صدام (2)
[JUSTIFY]
في الحلقة السابقة تحدثت عما استفزني في الكتاب الذي سأستعرضه بين أيديكم ليعرف القارئ العربي والمسلم كيف تُغتال الشخصيات المسلمة، وكيف يتم التبشيع بغير المرغوب فيهم من الساسة والمفكرين والقادة في عالمنا العربي والمسلم. وتحكي باري وهو تصغير للاسم الحقيقي «باريسولا» أنها تعرفت على صدام الشاب الوسيم والقوي والمعتد بنفسه مع ثقة لا حدود لها، ببيت أحد جيرانهم الذين أقاموا احتفالية خاصة بالشاب صدام صديق العائلة المحتفلة، لم يكن صدام حينها رئيساً لكنه كان مسؤولاً بحزب البعث العراقي.. باري كان عمرها آنذاك ستة عشر عاماً، تقول أنه منذ أن رآها صدام انبهر بها وأصابه سهم كيوبيد في مقتل، وقرر أن هذه الفتاة الشقراء ذات الأصول الأوروبية هي ملك له فلا يقربها أحد، ذات الإحساس أصاب فتاة الستة عشر عاماً ولم تحول عينيها عنه، بل ورقصت معه واحتست الويسكي وانحلت عقدة لسانها، وأصبحت تهرف بالحديث يمنة ويسرى ضاربة عرض الحائط بنداء والدتها عبر الحائط وعبر الهاتف، ومكثت بالقرب منه حتى بعد انتهاء الحفل، ورافقها صدام إلى بيتها الذي ذهبت إليه حافية القدمين تحمل حذاءها بيدها خوفاً من أمها، ولم تنم في تلك الليلة وظلت تفكر وتحلم بهذا الفارس الوسيم الذي حط عليها فجأة، وبعد أن كانت تكره هؤلاء الجيران المريبين أضحت تلازم بيتهم، وكثرت لقاءاتها بصدام الذي يملك بيوتاً فاخرة وله اتباع وحراس حتى قبل أن يصبح رئيساً للبلاد لتأثيره القوي على الرئيس الذي عينه فيما بعد نائباً له، وفرحت هي بلا شك بهذه السلطة المطلقة وأضحت تلتقي بصدام في أي وقت يناديها فيه ليلاً ونهاراً، وبلغت بها الجرأة النوم معه في غرفته الخاصة، كما تفتخر بذلك على طول كتابها الغريب المريب الذي ألفته على عجل، واحترت وزادت دهشتي كيف لفتاة عمرها بين السادسة عشرة والسابعة عشرة وهي بحسابات اليوم طفلة تخطو نحو عالم النساء، لكنها تتحدث عن علاقتها الخاصة بصدام وكأنها تحكي عن أمر طبيعي وعادي، لكنها وفي مرات عديدة تعرج على ذكر أبويها المتدينين والمواظبين على الصلاة في الكنيسة، وعن تربيتها المحافظة، تناقض يوحي بأن الكتاب تم تأليفه على عجل وبصورة مشوهة لرجل عاش في الأذهان بقوته وغيرته على الأعراض، فهل يمكن أن يكون صدام قد عاش بشخصيتين واحدة في النور وأخرى في الظلام تحب كل ما هو ضد الفطرة والدين؟ كيف يمكن أن تتحدث عن أحاسيس صدام نحو زوجته وابنة خاله التي تدعي أن صدام قد تزوجها بدافع القرابة، وأنه إنما يُبقي عليها لأنها والدة أبنائه، وأن صدام لم يحب امرأة غيرها ومثلها، فحتى زواجه الثاني الذي تزوج فيه أرملة أحد معاونيه بعد مقتله لم يكن سوى انتقام من ذاك الذي قتله وتزوج امرأته بعد انتهاء عدتها مباشرة وكأن بينهما اتفاق مسبق.
[/JUSTIFY]
حكاوي – بقايا مداد
أمينة الفضل
[email]aminafadol@gmail.com[/email]