من الذي قال إن ملفات الفساد التي بدأت تتكشف معالمها في ولاية الخرطوم بدءا من ملف مكتب الوالي ومروراً باتهامات مدير أراضي الخرطوم السابق.. ورؤوس الخيوط التي تقود (لجرجرة) التماسيح الكبار.. من قال إن هذا المسار يأتي خصماً على الحوار..؟
ليس صحيحاً البتة، بل سيكون العكس تماماً، لو أغلق الرئيس البشير كل الثغرات التي يستغلها البعض للمواراة والتغطية على الأسماء التي تضع الآن أيديها على قلوبها خوفاً من انفجار ملفاتها النتنة..
لو أبعدتم الغطاء عن الفاسدين ومنعتم ألاعيب وأساليب توفير الحماية لهم لانكشف أمر البقية الباقية قريباً جداً..
الرئيس البشير هو المسؤول الوحيد في الإنقاذ الذي تعرفه قوى المعارضة الآن بصفة صاحب مبادرة التغيير والحوار بعد أن ناداها وجمعها وخاطبها والتزم لها وأعلن عن عزمه على التغيير، وتجاوبت قيادات وأحزاب كبيرة مع مبادرة الرئيس ثقة في التزاماته بإطلاق الحريات وقيادة مرحلة تصحيحية لبناء المستقبل.. مرحلة بلا حصانات لأي أحد تحوم حوله شبهات الفساد.. أو ضعف الأداء والتقصير في المحاسبة وفتح المجال للفساد.
ونحن كمنابر رأي عام تحمسنا لمناصرة التوجه نحو الحوار والذي نحسب أنه سينقذ البلاد من السقوط في الهاوية، وسنظل على موقفنا المبدئي بالدعوة للالتفاف حول هذه المبادرة.
لكننا وبرغم ذلك نقول للرئيس البشير إن العزم على المضي في نهج الإصلاح لن يحقق مبتغاه ولن يثمر أي نجاح إلا بعد التأكيد على رعايته هو شخصياً لملف كشف الفساد كشرط من شروط تعظيم الثقة في المبادرة.
يجب أن يدعم البشير مسار كشف الفساد فعلا ملموسا ومحسوسا، ويجب عليه عدم الاستماع لأي أصوات تناديه بحماية (زولنا الفلاني) و(زولك العلاني).
لو أغلق الرئيس البشير أبواب زوار الليل والذين يرغب بعضهم في مطالبته أو التحدث إليه عن مساعيه لـ(لملمة) فضائح المسؤولين، لو أغلق الرئيس مثل هذه الأبواب فسيضمن اكتمال مشروع الحوار بسلاسة وبأعلى درجات النجاح.
ولو عجل البشير بإبعاد المشتبه فيهم عن مواقع السلطة مع مباشرة التحقيقات معهم، فإن ذلك لن يمثل هزيمة للحزب الحاكم بل هو إنقاذ لهذا الحزب من طوق الاتهامات باحتضانه لفاسدين بين صفوفه، قيادات كانوا أو مجرد أعضاء.
أبعدوا من حامت الشبهات حولهم.. ومن فقد المواطن الثقة فيهم، أبعدوهم بلا عفو ولا تنازل عن الحق العام.. أبعدوهم عن مواقع المسؤولية والتقطوا رغبة الجميع ومبادرات الصحافة في كشف الفساد، بل قودوها بأنفسكم، لأن كشف الفساد بيد الآخرين يعزز دخولكم جميعا في دائرة التستر والاتهام العام والتقصير أو الصمت على الشبهات.
أما من يتباكون أمام الكاميرات استدراراً لعطف الرأي العام، فالواثق من موقفه لا يهتز ويرتبك و(يتجرس) لهذا الحد.. والضعيف الواهن المرتبك مثل العود (البقول طق).. وقليل من البحث يظهر الشق..
كثيرون ينتظرهم دورهم في طابور الحساب العام وسيأتي.. وكثيرون أغرتهم مواقع السلطة وطفقوا يفسدون ويبحثون عن تحقيق مكاسبهم الخاصة، ولكن عليهم أن يتيقنوا أن هذه البلاد بها رجال صالحون وأن دعواتهم إن شاء الله مستجابة.. وعليهم أن يتيقنوا أيضا أن حق (الناس كناس) ولن يضيع أبداً وسيكنس كل الفاسدين.
سيدي الرئيس، أغلق بابك أمام كل من يأتيك بلغة (زولنا) و(سمعة حزبنا) فسمعة الحزب تتطهر فقط بسقوط رؤوس الفساد فيه، وسمعة القائد تنصع وتملأ الدنيا حين لا يجامل أحداً في حق الناس الذين أعطوا القائد ثقتهم والمعارضين الذين عادوا ومنحوه كل المصداقية والثقة في حسن نواياه بالوطن وبأهله بلا مجاملة لأحد.. مهما داعب وغازل طموحات الحزب السياسية بأنه هو الذي يمكن أن يحققها أو ينجح في القيام بمهمته التنظيمية في المكان والزمان المحددين..
سيستمر الحوار ولكن وفي الخط الموازي يجب أن تسقط رؤوس الفساد، وسيستمر الحوار ولكن لن يكون داخل قاعته أحدهم.. ولو كان من كان..
(كل الثغرات التي يستغلها البعض للمواراة و التغطية على الأسماء التي تضع الان يدها على قلبها ——)
[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي