* تذكرت ماحدث لصديقنا ثم رده على تشبيه عم جابر الغريب ، وأنا اتابع رد فعل كبار القوم على حديث باقان أموم الأخير الذي وصف السودان – وليس الحكومة – بالدولة الفاشلة .. رد فعلهم يكاد أن يقول لحديث باقان ( عامل قرونك كدة زى قرون الجمل ) .. وكذلك لسان حال باقان يكاد أن يرد عليهم بهدوء ( والله ياجماعة الجمل ماعندو قرون .. انتو بس ساكت ما دايرين تعترفو بالحاصل في سودانا ده ) .. ومابين حديث باقان ورد فعل كبار القوم مساحة تتوسدها حزم الحقائق التي لاتقبل التزييف، وكذلك لاتقبل دفن الرؤوس حين تحدق فيها عيون الناس في بلدي .. تلك الحقائق جديرة بالتأمل ، رغم أنها غير جديدة في حياة الناس والبلد ، أى الناس في بلدي ليسوا بحاجة الى باقان أو غيره لتخبرهم – يادوب – عن حال دولتهم السودانية ، وليس حال الحكومة فحسب كما ظن البعض .. بالمناسبة ، هناك فرق بين الدولة والحكومة ، فالدولة تعنى الكل ، حكومة وشعبا ومعارضة ، أى وطنا بحاله ، بيد أن الحكومة تعني تفاصيل مابين القصر والبرلمان فقط لاغير .. والحكومة جزء من الدولة ، وباقان – بذكاء غير خارق – تجاوز الجزء وتحدث عن الكل في تلك الندوة ، ولكن رواة الحديث – بغباء خارق – نقلوا لكبار القوم حديث باقان بمظان انه كان حديثا ناقدا للجزء الحكومى وليس للكل السوداني .. وما آفة الحدث والحديث إلا(.. الرواة والناقلين ) ..!!
* باقان – أيها السيدات والسادة – لم يصف الحكومة السودانية بالفشل ، ليس لأنها غير ذلك ، بل لأن سيادته وزيرها الأول .. وكذلك لم يرد اسم المؤتمر الوطني على لسان باقان ، لا بالخير ولا بالشر ، ليس لأنه اسم لايستحق ذكره ، بل لأن حركة سيادته شريكة معه في خير السلطة وشرها .. يأكلان سويا بالنهار في مائدة واحدة ، وبعد المغرب كلاهما يصلي قبالة قبلته ، ذاك يبقى حاكما وتلك تتحول الى معارضة ، ولكن بعد المغرب ، أى بعد أن تغسل يديها وتمسح فمها من آثار مائدة النهار.. وربما لهذا لم يهاجم باقان المؤتمر الوطني .. باقان تفادى الهجوم على الحكومة والشريك بالحديث عن حال الدولة السودانية منذ الاستقلال والى يومنا هذا ، وكان حديثه بلغة الضاد الفصيحة التى يفهمها كل أهل السودان ، وهنا يدهشني عدم فهم الرواة والناقلين مثل هذا الحديث الفصيح ، لو فهموه لما نقلوه لكبار القوم نقلا خاطئا يولد كل تلك الردود والانفعالات .. عن الحريات – مربط فرس الندوة – قال باقان إن حالها الآن أفضل من ما كان عليه فى التسعينات ، مضيفا بأن ندوة تتحدث عن الحريات ذاتها تعتبر دليل عافية وتطور .. قالها ، ثم نظر الى الشيخ الترابي ، نظرة كادت أن تسأل : ( مش كدة يا شيخنا ..؟؟ )
* ذاك وصفه لحال الحريات ، وصف تبريري يزعم بأن العافية درجات .. بالمناسبة ، الحركة الشعبية – بعيدا عن باقان أوقريبا منه – ليست ضد الرقابة – أيا كان نوعها – كما يتوهم البعض أو يخدعنا البعض الآخر ، و هى لا تمانع فى المزيد من القهر ، هذا ليس بتحليل واذا أردت المعلومة أنظر جنوبا ، حيث إستخبارات جيش الحركة تكاد أن تدير هناك حركة المرور ذاتها ، ناهيكم عن ادارتها للحركة السياسية ، وعليه الكل المستجير من المؤتمر بالحركة – في مسألة الحريات وكدة – كمن يستجير من الرمضاء بالنار .. هكذا جوهر العقل السياسي للحركة في الجنوب ، ولكن المظهر الخداع يظهر ذاك العقل – في الشمال – بمظهر نيلسون مانديلا ، بيد أن العقل ذاته – أثناء ساعات العمل الرسمية فى الجنوب والشمال – يعمل بنهج نيرون ..!!
* مختصر المقال… ما قاله باقان في الدولة السودانية – منذ الاستقلال و إلى يومنا هذا – ليس بجديد ولاغريب بحيث يثير كل هذا الغبار ، ولكن حديثه عن الحريات – أو رغبته فيها – مجرد طق حنك وكلمة حق يراد بها مزايدة سياسية … وعليه ، نصف الكوب فى حديث باقان ملئ بالحقيقة المرة ، ولكن النصف الآخر من كوبه فارغ جداً ..!!
إليكم – الصحافة -الاحد 29/6/ 2008م،العدد5398
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]