ولو كان محمد الطويل هذا شقيق الموسيقار كمال الطويل لقلنا إنه استشف منه براعته في نسج المعزوفات لينسج لي (طويل) التيلة من الحكايات..
ولو كان مغرماً بأدب نجيب محفوظ ــ مثلي ــ لقلت ربما أراد أن يتحفني بحكاية تذكرني بروايته الشهيرة (السمان والخريف)..
ولو كان من المعارضين الشرسين لنظام الإنقاذ لخلته من (هواة) تصيد أخطاء الإنقاذيين إلى حد الشطط في الكلام عقب أخذ نفسٍ (طويل)..
ورغم أنه ليس أياً من ذلكم ــ محمد الطويل ــ إلا أنني ترددت في تصديق الذي ذكره لغرابة الحكاية..
صحيح أن ولاتنا جميعهم ــ إلا قليلاً منهم ــ لديهم هوايات عجيبة وغريبة ولكنها لا تخرج عن دائرة حرصهم على كراسيهم التي يجلسون عليها وهم (متنعمون!!)..
فمجرد التفكير في احتمال (فطام) عن (التنعم) هذا قد يجعل والياً مثل إيلا ــ مثلاً ــ (يُروض!!) إستاداً بكامله لصالح دعايته الشخصية بأكثر من قدرة جميع لاعبي بورتسودان على ترويض الكرة..
وبالمناسبة، متى يجد لاعبو بورتسودان هؤلاء فرصةً للعب بإستادهم هذا وقد أحاله واليهم إلى إستديو (مفتوح) لبث فعاليات مهرجاناته السياحية التسويقية التي لا تنتهي أبداً على مدار العام؟!.
وإن كانت هذه هي (هواية) إيلا المحببة ــ ترويجاً لذاته ــ فإن نظيره (كِبِر) مغرم بوضع صوره المكبرة على إستادات ولايته مع إطلاق لتصريحات متوعدة من شاكلة (الراجل يشيلني!!)..
فالكرسي ــ بالنسبة للوالي كبر ــ مسألة (حياة أو موت)..
أما والينا ــ هنا في الخرطوم ــ فهوايته العزيزة على نفسه جداً هي التحدث عن (إنجازاته) كثيراً حتى إذا ما ظهرت فضيحة مكتبه المليارية جيَّرها هي ذاتها لصالح إنجازاته هذه..
بل حتى (صلاته) ــ التي يفترض أنها لله رب العالمين ــ دخلت بقدرة قادر في سجلات إنجازاته هذه عبر نفرٍ من أتباعه سموا أنفسهم (رفقاء الوالي في صلاة الفجر!!)..
فأدب الاستقالة (حياءً) ــ كما فعل وزير الطيران الماليزي رغم أنه لا يد له في اختفاء الطائرة ــ هو قيمة إسلامية لا تجد طريقها إلى قلوب ولاتنا (الزاهدين)، (العابدين)، (المصلين الفجر!!)..
ونأتي الآن للذي حكاه لنا محمد الطويل ذاك ــ ناسباً إياه للفريق الهادي عبد الله ــ ونقول إننا صدقناه بعد أن وثقت للهواية العجيبة صحيفتنا هذه قبل أيام..
فطائر السمان المسكين كان من حظه العاثر أن يضحى هو (موضوع) هواية والي نهر النيل عوضاً عن (الإستادات) و(الإستديوهات) و(دعاية رفقاء صلاة الفجر!!)..
وحتى وزير الزراعة بنهر النيل ــ دعك من الوالي ــ قدم بياناً عن إنجازاته لم يخلُ من ذكر (طائر السمان) الذي بات من الأطباق (الشهية) على مائدة الوزير..
بالله عليكم يا أصحاب القرار في الإنقاذ: من أين أتى ــ اجتزاءً لمقولة الطيب صالح ــ الولاة هؤلاء؟!..
ومن أي مدرسة (إسلامية!!) ــ من مدارسكم ــ جئتم ببعض الذين لا يحرك الفساد (الملياري) شعرة في رؤوسهم؟!.
ومن أي (مظان للزهد في الكراسي!!) أتيتم بإيلا وكبر وعباس والخضر والزبير؟!..
ومن أين أتى (السمان) لـ (الفريق)؟!..
ولا (خريف)؟!!!
[/JUSTIFY]
بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة