عيد ميلاد جرحي أنا

[ALIGN=CENTER]عيد ميلاد جرحي أنا [/ALIGN] بينما كنت أسير منخفضة الرأس بهمة ونشاط زادها الشباب والصحة، لأعبر المسافة التي تفصل بين كلية الطب وبرج البركة مقر عمل (سيد الاسم) السابق، كي نترافق للعودة إلى البيت .. رفعت رأسي فجأة لاجد نفسي أكاد اصطدم بـ (معاوية الوكيل) المناضل الشيوعي المعتّق .. حيّاني هاشا باشا بطبعه المتباسط الودود، وسألني عن الحال والأحوال وبارك لي على زواجي، وقبل افتراقنا لم ينسى أن يناكفني عندما علم بأنني وقتها – احضر لدراسات عليا، قال:
يعني ناس الانقاذ ديل لسه ما عينوك وزيرة؟
ولا أدري ما يمكن أن يقوله لو التقينا بعد كل تلك السنوات ويعلم بأنهم لم يمنوا علي حتى ولو بـ(وزارة شئون الحبوبات) ..
تذكّرت ذلك اللقاء عندما هاتفني أحد الصحافيين الرياضيين ليجري معي حوار خفيف علي الماشي، فكان أن سألني عن ماذا يكتب في خانة العمر؟ استنكرت السؤال ورفضت الاجابة عليه ضاحكة فتكفل عني بالقول:
يعني نقول كم واربعين سنة معقولة ؟!!
ورغم مقاومتي العنيفة للشعور بالرغبة في القفز عبر السماعة على (زمارة رقبتو) وقطعها، إلا أنني توصلت إلى السبب الذي بنى عليه هذا التقدير (الجائر)،عندما سألني عن علاقتي بنادي المريخ بالاضافة لانتمائي وكل أسرتي لقبيلة المريخاب، فيبدو أن الصحفي (الخلبوص) قد قرأ مادة (نسوان كرونجيات) التي ذكرت فيها علاقة الخوة والزمالة التي جمعتني بـ (جمال الوالي) في الاسكندرية حيث سبقنا بالذهاب إليها بثلاث سنوات، وقد طالعت قبل فترة لقاء صحفي مع (الوالي) يتفشخر فيه بأنه في الثالثة والأربعين من عمره .. عاد ده كلام ؟!!
تذكرت هذا اللقاء وفكرت فيما سيقول هذا الصحفي عندما يعلم بأنني قد التقيت في الاسكندرية أيضا بـ (معاوية الوكيل)، والذي من المؤكد أنه الأن يخطو بخطوات حثيثة جدا نحو سن اليأس عديل ..
ففي السودان بالذات، عندما تقول بأنك (عاصرت) فلان، فهذا لا يعني بالضرورة إنك (نديده) .. فهناك من يدخل المدرسة بعد سن التسع سنوات (زي ناس الجزيرة) وهناك من يركلس في الجامعة لأكثر من عشر سنوات كـ (أخونا معاوية) الذي يبدو أن الحزب قد فرغه للعمل التنظيمي سنين عددا حتى اشتعل رأسه شيبا قبل أن يطلقوا سراحه ويسمحوا له بالتخرج، ولقد إلتقيناه ونحن برالمة في عام تخرجه ومخارجته من الاسكندرية ..
وفي سنة برلمتنا ايضا التقينا بـ (محمد جعفر) عجوز الشيوعية العنيد، حين كان يقف جنبا إلى جنب على نفس المنصة مع (أحمد هارون) نديد أوكامبو، عندما جمعت بين أقطابهم المتنافرة جاذبية مصلحة الطلاب، في الاعتصام الشهير أمام السفارة السودانية بالقاهرة الذي نظمه الاتحاد العام للطلاب السودانيين احتجاجا على قرار يلزم الطلاب السودانين وقتها بدفع رسوم الدراسة بالاسترليني أسوة بغيرهم من الطلاب الاجانب .. ذلك الاعتصام الذي سماه الكيزان بـ (ذات الأكياس)، فقد كانت الأمطار تهطل ليلتها بغزارة على جموع الطلاب المعتصمين مما حدا بمنظمي الاعتصام لتوزيع أكياس من النايلون عليهم ليضعوها على رؤوسهم فتقيهم شر البرد والبلل .. والطريف في الأمر أن الإثنين كانا يهتفان معا خلف المايكرفون حتى كادت حلاقيمهما أن تنقرش بـ :
العار .. العار .. يا مستشار !!
وبينما كان (هارون) يقصد مستشارنا الثقافي المشرف على شئون الطلاب، كان (جعفر) يهتف بغيظ يوحي بأنه إنما كان يقصد مستشار النميري .. ما غيرو !!
حاشية:
كتبت هذه المادة والاثنتين اللتان سبقتاها عن (التجوهل)، من وحي استشراف عيد ميلادي (…) الذي يوافق يوم الجمعة الرابع والعشرين من أبريل، فقد أنذرتني صديقتي العزيزة (إنتصار) من أنها صارت تتبرأ من مزاملتي لها في الاسكندرية، لأنني دائما ما أحاول أن أبدو أكبر بكثير من سني الحقيقي من خلال كتاباتي التضليلية عن الأعمار، مما يجعل طرف السوط يلحق بها ..
لها ولكل زميلات دراستي السبقوني والجوا بعدي – العتبى حتى يرضن عني ويدوني الفاتحة .. وزي ما قالوا ما ضروري الأعمار .. الكبر كبر العقل.

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version