واحترت في سر
احتدام تذكري لك بالمطر
ما لاح في الأفق البعيد قدومه
لا وأعياني التصبر والحذر
تشتد بي حمى ادكارك
كلما غيث اطل او انهمر
تتأزم الآفاق إرعاداً.. وإبراقاً
فيوشك بعض هذا القلب
مني أن يفر
ويهزني صوت المطر
** روضة الحاج محمد
*عشت بعض طفولتي في حي العمال وبانت بمدينة كسلا الخضراء، حيث كان يعمل الوالد عليه الرحمة والرضوان، ولم تبق في ذاكرتي من تلك الحقبة إلا (صوت المطر)، لهذا لما ذهبت يوماً لإجراء لقاء مهني مع الشاعرة روضة الحاج التي ترعرعت هي الأخرى في تلك الربوع، كنت مدركاً جداً لمفرداتها الهطالة المتدفقة الملبدة بالغيوب، فكل الذين مروا من هناك، إن نجوا من أسر جبال التكاكا ولن ينجوا، فلن ينجوا من حالة (التدفق المترعة) المستلهمة من القاش ذلك النهر الشاب، وتارة من ذلك الهطل يذكر في هذا السياق هلاوي وحلنقي وروضة وقائمة مدرارة..
*لم أملك لحظتها إلا أن أدفع في وجه تدفق أشعار روضة السيَّالة يومئذ، إلا بعض بيت لإيليا أبو ماضي شاعر الطلاسم الجهير..
أسير أنت يا بحر
ما أعظم أسرك
أنت مثلي أيها الجبار
لا تملك أمرك
*كنت لوقت قريب من الذين يناهضون اندلاع ثورة الإذاعات الفضائية والإقليمية، على أنها ستساهم في تشتيت وتفتيت الوجدان القومي السوداني الذي هو الآخر يترنح تحت وطأة ضربات (كناتين التجزئة العشائرية والمناطقية)، فبرغم كل الادعاءات فنحن لازلنا دولة تحت التأسيس والإعداد القومي.
*وإن كنَّا لا محالة فاعلين فاقترحت يومئذ أن تكون هنالك ساعة مركَّزة (لصناعة وصياغة الوجدان القومي)، على أن تلتحق كل تلك المخلوقات الإعلامية بإذاعة المركز حتى لو كانت المادة في قامة أغنية للفنان محمد عثمان وردي.
*غير أن فضائية كسلا التي استرق السمع والبصر إليها هذه الأيام، قد جعلتني أتزحزح عن بعض قناعاتي، وذلك لما تقدمه من مشروع إعلامي ثقافي ولائي في ثوب قومي، وربما ذلك ناتج عن طبيعة تشكيل ولاية كسلا وحواضرها، إذ أنها سودان مصغر.
*ثمة ميزة أخرى أكثر حصافة، وهي أن (كاميرا فضائية كسلا) طليقة السراح معظم الوقت، وهي تنتقل بين (الجنائن والقاش وردهات المدينة وأرصفتها المطرزة بالخضرة الظليلة)، وذلك على غير ما عودتنا فضائية أخرى تظل كاميراها مسلطة على ثرثرة عقيمة داخل استديوهات من حجارة بكماء..
*فضائية كسلا تجعل من كسلها استديواً أخضر جميلاً، وتجعل من مادتها رافداً لمشروعنا الوطني الكبير.
*مخرج.. ليس كل من امتلك ثوباً مشجراً أو قميصاً مسطراً هو بالضرورة تلفزيوني باهر، على أيام تجربتي التلفزيونية الشحيحة كان بعضهم في الصباح (يعلِّق على قمصاني) وليس على أفكاري، فلما استنفدت قمصاني علَّقت مشاركتي.
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]