تقنيات عدة لإسكات الألم

تتعدد التقنيات الطبية الخاصة بهؤلاء المرضى الذين يعايشون الألم، ليلاً ونهاراً. وقد يصيب هذا الألم الحوامل، على وشك الإنجاب، أم يكون مشتقاً من السرطانات أم الأمراض المزمنة أم من العمليات الجراحية المعقدة وربما المهددة نتائجها بالفشل. ويلعب السائل المحيط بالحبل الشوكي دوراً أساسياً يؤازر أحدث التقنيات المبتكرة لإسكات الألم. في سياق متصل، يحدثنا البروفيسور باولو غروسي، من مستشفى”سان دوناتو في بمدينة ميلانو عن أبرز التقنيات. وفي ما يلي نص الحوار معه

* ما هي التقنيات المستعملة لإسكات الألم اليوم وهل تواكبها آثار جانبية؟
– يوجد العديد منها. سأتوقف للتحدث عن ثلاثة منها. تقتضي التقنية الأولى بحقن الأدوية عن طريق إبرة رفيعة جداً في السائل المحيط بالحبل الشوكي. كما يمكن توصيل الأدوية المضادة للألم، التي يتم تذويبها في السائل، مباشرة الى قرب الحبل الشوكي بواسطة أنبوب(قسطرة) رفيع الحجم. فيما بعد، يمكن وصل هذا الأنبوب الى “خزان” صغير (porth a cath)، يُزرع تحت الجلد. هذا ويتم وصل هذا الخزان الى مضخة خارجية أم مضخة تحت جلدية يتم شحنها بالأدوية المسالة مرة واحدة، كل شهر. نحن نستطيع حقن عدة أدوية عن طريق هذه التقنية. ويبقى الدواء الأبرز بينها المورفين الذي يعطي حقنه بجوار الحبل الشوكي مفعولاً مسكناً أعظم 300 مرة من طريقة تناوله الفموية التقليدية. علاوة على ذلك، فان حقنه بهذا الشكل يقوم بقطع آثاره الجانبية بصورة لافتة.

* لكن كيف تتم عملية حقن هذه الأدوية وقسطرتها؟
– نحن نلجأ الى البنج الموضعي. وتتطلب العملية مكوث المريض في المستشفى ليلة واحدة. أتوقف هنا للقول أنه ثمة حالات مرضية معينة تحفزنا على استعمال هذه التقنية. على سبيل المثال، فإننا نلجأ إليها عندما يعاني المريض من ألم مزمن، عصبي أم ذو طبيعة التهابية أم متعلقة بأنسجة الجلد، مقاوم للعلاج الذي يشمل كذلك تشكيلة من التقنيات الجراحية.

* ما هي التطبيقات المباشرة لهذه التقنية؟
– نحن نستخدمها لتسكين الألم أثناء الولادة، لا سيما تلك التي تتطلب من الحامل ضغط واجهاد لعدة ساعات متواصلة. كما نعتمد عليها لتخفيف آلام الظهر المزمنة وآلام الساق. ان هذه التقنية أفضل من تعاطي المواد الأفيونية التي لا تخلو من مفعول جانبي بخاصة لدى المرض المصابين بآلام ناجمة عن السرطان تتطلب جرعات عالية من هذه المواد ما يمثل خطراً عليهم!

* ما هي التقنية الثانية التي تريدون التحدث عنها؟
– إنها تقنية التنظير الضوئي (Epiduroscopy). تعالج هذه التقنية آلام العمود الفقري من دون أي تدخل جراحي. تستهدف التقنية إزالة الالتصاقات التي قد تحدث حول الأعصاب الحساسة والتي ينجم عنها آلام رهيبة تسبب إعاقة حركة المريض بعد العمليات الجراحية المفتوحة للعمود الفقري. تعمل هذه التقنية على “إزالة” الآلام لدى المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية في الفقرات العنقية(الرقبة) وفي حالات بروز القرص البيني (Intervertebral disk) قبل العمليات الجراحية في الظهر أم عندما يعاني المرضى من ضيق في مجرى القناة العصبية في العمود الفقري. بمساعدة الأشعة السينية القوسية يتم إدخال المنظار الضوئي، ذو القطر الرفيع، من أسفل الظهر. يجري تنظير الالتصاقات(ردود الفعل الليفية الناتجة عن الالتهابات)، في المنطقة القطنية المحيطة بالعمود الفقري. وتحتوي هذه الالتصاقات على جذور عصبية هي أصل الألم. يعمل الاختصاصي على تفكيك هذه الالتصاقات وإزالتها من حول الأعصاب المعتلة. بعد ذلك، يتم زرع قسطرة بجانب العصب(المسبب للآلام) بمساعدة هذا المنظار لمدة تتراوح بين 2 و4 أيام. عن طريق القسطرة يتم حقن المنطقة القطنية بمسكنات للألم والالتهابات وكذلك إنزيمات خاصة لإزالة الالتصاقات المتبقية حول العصب(المسبب للآلام). بالطبع، تتطلب التقنية الثانية بنج موضعي ومكوث للمريض ليلة واحدة في المستشفى. نحن نلجأ الى هذه التقنية في حال أصيب المريض باعتلال جذور الأعصاب، المجاورة للعمود الفقري، بعد خضوعه للعملية الجراحية.

* ما هي الطريقة العلاجية الثالثة؟
– تقتضي هذه الطريقة بحقن المريض بالبنج الموضعي والكورتيزون داخل المنطقة القطنية المحيطة بالعمود الفقري، أي في تلك المساحة الضيقة الواقعة بين النخاع العظمي وقناة العمود الفقري. تستهدف الحقنة مباشرة الجذور العصبية الملتهبة، الخارجة من العمود الفقري والتي تسبب للمريض ألماً لا يطاق.

المصدر :ايلاف

Exit mobile version