هل يمكن أن يكون الأبناء مصدرا لشقاء الأسرة على الدوام؟؟.. وإلا، لماذا تجأر بعض الأسر بالشكوى من أبنائها وبناتها المقبلين على الحياة بدعوى كونهم يعيشون طفولة متأخرة، بعيدا عن الإحساس بالمسؤولية المفترض تحليهم به في أعمارهم؟، فهم يظلون عبئا على أهليهم طوال مراحلهم الدراسية وحين التخرج ـ الذي تتبعه في الغالب فترة ممتدة من العطالة ـ وحتى بعد الزواج، حيث يفتقر معظم الأبناء الآن للإيمان المطلق بالزواج كعلاقة مقدسة أو مؤسسة اجتماعية تتطلب إدارتها الكثير من الحنكة والسياسة والصبر والتضحيات.
بعض مشاكل أولئك الأبناء قد تبدو ثانوية لا تطفو إلى السطح، غير أنها في حقيقتها تنخر في كيان الأسرة كالسوس، وواحدة من تلك المشاكل تتمثل في غيرة الأبناء من بعضهم البعض، أو في ذلك العداء الذي يشوب العلاقة بين البنات والصبية..
إحدى صديقاتي تشكو من غيرة ابنتها غير المبررة من أخيها الصغير، فرغم أنه يصغرها بست سنوات إلا أنها لا تزال تفسر أي توجه نحوه من الوالدين بأنه نوع من المحاباة والدلع الذي لا يلزم في نظرها، وتظل تنتقده وتسخر منه وتستفزه دون سبب واضح. وكانت الأم تعتقد أن تقدم ابنتها في العمر سيعالج هذه الأزمة، بيد أن البنت تخرجت الآن في الجامعة، ورغم أن ذلك كان يستوجب عليها أن تصبح أما أو صديقة لأخيها الوحيد، إلا أن الواقع غير ذلك.. فهي لا تزال تمعن في إبعاده عن تفاصيلها وتصد كل محاولاته للتقرب منها حتى أنه أصبح في كثير من الأحيان يغضب ويثور فيتصاعد بينهما الموقف حتى يتحول إلى مشكلة تستدعي تدخل الأب الذي غالبا ما يقف إلى جانب الولد متهما البنت بالظلم، فتصبح بذلك أشد إصرارا على صدق اعتقادها بتلك المحاباة وتنفر بعيدا من الوالد.
وبهذا تكون صديقتي ضائعة بين كل الأطراف وفي كل الأحوال.. وهكذا دواليك!! فما هو الحل؟؟
# نوع آخر من مشاكل الأبناء التي لا تنتهي، يتعلق بالبنات اللائي تجاوزن عمر الزواج. ولا أعرف لماذا دائما ما يناصبن أمهاتهن العداء وكأنهن السبب في معاناتهن من تلك العنوسة، رغم أن الأخيرات يكن أشد الجميع تعاطفا معهن؟!!
سيدة مجتمع وقورة صارحتني بما بدأت تلحظه من إكثار ابنتها الكبرى في استخدام الهاتف! واستبشرت هي خيرا في بادئ الأمر على أمل أن يكون هناك مشروع عريس مرتقب لابنتها الناضجة. إلا أن الأمر طال وتمدد واكتشفت أن الطرف الآخر ليس شخصا محددا ولكنهم كثر، لتصدم المسكينة بواقع كون ابنتها (الدكتورة) تمضي وقتها في التسلية بالونسة مع الشباب، وتنفق في ذلك الكثير من الوقت والمال لصالح شركة الاتصالات المحظوظة حتى بلغت حد الإدمان.. وكلما حاولت هي ردعها عن الأمر ثارت الابنة بدعوى أنها كبيرة وناجحة وناضجة بما فيه الكفاية لتدير حياتها وتفعل ما تراه هي صوابا بما أنها لا تزال حرة دون قيد، وكأنما أصبح الزواج هو القيد الاجتماعي والأخلاقي الوحيد.
الأم تؤكد أن ابنتها تمر بمرحلة حرجة من اليأس والاكتئاب وتأمل أن تشفى منها قريبا وحتى ذلك الحين لا تكف عن القلق والخوف والدعاء لها بالستر و(السعد البلا وعد).
# نموذج آخر وليس أخيرا لشاب بائس فقد طموحه في كل شيء وآثر النوم وادعاء التعاسة وسوء الحظ على السعي والاجتهاد ليكون بذلك عبئا ماديا واجتماعيا على أسرته وليته يرضى.
(فالبرنس) ساخط على كل شيء.. نوع الطعام.. وشكل الحياة والتعامل. يرى في أي سؤال إهانة لا يرضاها وفي أي اتصال ملاحقة واشتباها في سلوكه يطال كرامته المقدسة.. يقضي سحابة النهار في الفراش، وينفق ساعات ليله عند النواصي وفي الحفلات وربما (الغرز).. ويتشدق بالحديث عن الإحباط والبلد الملعون و(الجلك) القاسي و(الحاجة) التي لا تقدر قيمته كابن مميز كما يجب!! وعجبي!
# تلويح:
أبنائي الأعزاء.. رجاء.. لا تجعلوني أعض أصابع الندم يوما كوني كنت سببا في خروجكم للحياة لتفعلوا كل هذه الأفاعيل وتتبنوا تلك الأفكار الغريبة التي قد تقودكم إلى النار والعياذ بالله .. هداكم الله وعافاكم وأعانني عليكم بالصبر والثبات فإنكم مولودون لزمان غير هذا.
إندياح – صحيفة اليوم التالي