(دي عاملة زي جهولا أم سْكاسِك) !
حقيقة لا أدري من هي (جهولا) مضرب المثل، وهل هي شخصية واقعية أم أنها رمز لـ (حالة كون) أن تلك العجوز قاعدة (تتجوهل) وعاملة نفسها (صغيرة وجاهلة)، ولعل ما متأكدة – لقب (أم سْكاسِك) كناية عن كثرة لبسها لـ (السُكسُك) و(الخرز) وهما من ضمن الحلي التي تتحلا بها نسوان زمان !
ففي مرة من (المرات) حضر لزيارتنا أحد أصدقاء (أبي) في صحبة زوجته الثانية وكان قد تزوج بها حديثا، ولأنها كانت (عروس) فالطبع كانت تتحلى بالكثير من الذهب وتملأ أياديها وأرجلها نقوش الحنّة، بالرغم من شكلها الذي يوحي بأن (الفوات) قد (فات) عليها وتجاوزها قبل أن تلتقى بزوج ماركة الـ (حلو حلا) .. وبما أن هذا الصديق لم يسبق له أن أحضر زوجته لزيارتنا، فقد حسبت (أمي) أن (العروس) إنما هي زوجته الأولى (أم العيال) فـ (شبكتا):
أولادك ازيهم؟ النبي ما جبتيهم معاك مالك كنا اتعرفنا بيهم ؟!!
بينما العروس المسكينة (تتضاير) وعندما (كتر عليها) اكتفت بالقول:
كويسيين .. نجيبم معانا المرة الجاية.
طبعا لم تكن هناك (مرّة جاية) ولا يحزنون بسبب (عكّة) والدتي الحبيبة، فبعد انتهاء الزيارة لوّمناها:
يمة قدر ما نقرص ليك انتي ما جايبة خبر وشابكة المرة أولادك أولادك .. دي ما العروس الجديدة !!
أجابتنا في مسكنة وأسف:
كر علي يا بنات أمي .. تراها العروس الجديدة وأنا أشيل وأقول بي قلبي المرة دي مالا معنكشة زي جهولا أم سكاسك !!
ماعلينا .. المهم إنو مصطلح (جهولا) يعني (المراءة المتصابية) التي تنكر تقدمها في السن وتتمسك بالشباب عن طريق التشبب وتقليد الشباب في المظهر والحركات، ويمكن تميز (المرة المتجوهلة) أيضا من طريقة كلامها ومحاولتها زج (صغرتها) في الكلام زجا .. فعندما تصادف سيدة خمسينية أو ستينية عديل وضاربة المانكير وتمتطي الكعب العالي فـ (احتمال كبير) تكون (جهولا) ولكن عندما تحدثك بأن:
الناس ما مصدقين اني بقيت حبوبة .. ولمن أمشي مع بتي بيفتكروها أختي !!
فحينها تأكد بأنك قد (كتلتها) وياها (جهولا أم سكاسك بي ذاتا وصفاتا).
يعرّف علم النفس الاجتماعي (التصابي) بأنه العودة إلى مرحلة الصبا، وذلك من خلال ( تصرفات وسلوكيات غالباً ما تكون مَرضية وموجودة عند الجنسين، وهي تكاد تكون عند الرجال أكثر خطورة وشذوذا).
ده كلام علم ما جايباهو من عندي، يعني يا جماعة النسوان ما براهن القاعدات يتصابن فـ (تصابي الرجال العجائز ليهو ركايز)، وحقيقة يحتاج منا (المتجوهلين) و(المتجوهلات) التفهم والحنان بدلا عن السخرية والتندر بتصرفاتهم، فالعلماء يعتقدوا أن (التصابي) نوع من التعويض (في غير مكانه عما فات)، أي تعويض لمراحل عمرية لم يحظى فيها المتصابي بإشباع الرغبات والحاجات الجسدية والنفسية والاجتماعية، كما يمكن أن تكون – تصرفات التصابي – ناتجة من خلل في منطقة في الدماغ مسؤولة عن التصرفات اللاواعية، وتدفع المتصابي إلى التشابه مع من هم أصغر سناً ..
وهناك أيضا سبب طريف للتصابي فقد يدفع التغيّير الاجتماعي المفاجئ أو ما نسميه بـ (أستحداث النعمة)، وهو الانتقال السريع من قائمة المقحّطين إلى قائمة المرطبين، يجعل النساوين – خاصة يتحولن بسرعة لـ (ناس طلع جديد في سوق العناقريب).
وحتى لا نظلم ذرّية (بت أم سكاسك) ظلم (الحسن والحسين)، نقر بأن هناك نوع يمكن أن نسميه (التجوهل الإيجابي) أو (شباب الروح) وذلك بأن يحاولوا العيش بروح متفائلة مليئة بالمرح والنشاط يستحضروا فيها ما كان يحدث لهم في الأيام الغابرة: (زمن زهر الحياة النادي .. وزمن الحبيب راضي .. وزمن الهوى الصافي).
وبتلك الروح (الشابة) يستطيعوا مقاومة سلبيات الشيخوخة.
تخريمة جوة الموضوع:
اغرب مافي الموضوع انني كنت انوي أن أقص عليكم موقف (تصابي) حارقني شديد لكن المادة انتهت قبل ما أصل ليهو .. غايتو يمكن بكرة أحكي عنو ويمكن لا .. علي كيفي !!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com