ساندوتشات ثريا.. تعميم على السياسيين

[JUSTIFY]
ساندوتشات ثريا.. تعميم على السياسيين

الأستاذة (ثريا إبراهيم) حالة سودانية تستحق ليس التأمل فقط، وإنما الثناء والتقدير، خاصة من رهطنا نحن الصحفيين، إذ أن ما رفدتنا بها كباحثة في علم الاجتماع وأستاذة لعلم النفس من إفادات علمية دقيقة (دونما مقابل مادي)، يجعلنا على الأقل نرفع لها القبعات و(نضع) الطواقي.
على أي حال، فبعض من رد الجميل لـ (ثريا) في حده الأدنى، أن حاورها الزميل سعيد عباس في منوعات (السوداني) عدد أمس، حواراً ممتعاً يتمحور حول بذخية الزواج وما تفضي إليه من نتائج وخيمة ما لم يرشد الأمر.
ويبدو أن (ثريا) ذهبت عملياً وبعيداً عن النظريات المُفارقة للفعل التي تسم الشخصية السودانية (في العموم)، إلى تضع (كورة) قناعتها في(الواطة) في أهم مناسبة شخصية لأي إنسان ألا وهي (الزواج)، فكشفت لـ (سعيد) عن أنها بالتواطؤ من زوجها السيد (خالد المبارك) اختارا الساندوتشات مائدة للمدعوين إلى زواجهما، رغم يسر حالهما.
ورغم أن أسلوب ثريا في اختيار (طبق) زواجها، يبدو شخصياً جداً، لكنه في الحقيقة بالنسبة لي على الأقل يحمل بين رسالة جوهرية عميقة، تقول: لم تقولون ما لا تفعلون؟ وهذا هو موضوع (زاوية) اليوم.
وهذا بالتأكيد ما عنّ لي، وأنا أُطالع الحوار، فلو (تناول) بعض المسؤولين والسياسيين من (ساندوتشات) ثريا، لما بدا لنا مثلاً رؤساء أحزاب تصدح فينا، وتصدع رؤوسنا بالديمقراطية، صباح مساء، مثل (الأمة والمؤتمر الشعبي)، وكأنما أيديهم غائصة في (قدح مندي)، باحثة عن لحمٍ (شحيم) بالدكتاتورية والتسلط، فلا يمكن فيما لو اتسقت النظرية مع الفعل- أن يمكث رجل أو امرأة على سدة حزب أو تنظيم سياسي أكثر من (دورتين) أقصاهما عشر سنوات، ثم (يغور) غير مأسوفٍ عليه، طالما أن الحزب (مؤسسة) وديمقراطية.
ولأنه لا يمكن أن يحدثنا أحد عن تداول السلطة، وهو ماكث فيها وكامن كمون النار في العود، فإنه حريٌّ بنا هنا، أن نذكر الناس، أن كل الأحزاب السودانية غير ديمقراطية، ولا تقوم على مؤسسات فعلية، ولو شئتم لنظرتم نظرة خاطفة إلى الاتحادي، الشيوعي، البعث، وإلى أحزاب (الفكة) المتوالي منها (والنافر)، كلها تحت قبضة أيدٍ أمينة، لا فرق كبير بينها وبين (الوطني) فيما عدا، أنه بجانب ذلك كله، (قابضٌ) على جمر الدولة ومكتوٍ بسعيرها ولظاها، لا يرغب أن يرخي عنها أصابعة القويِّة فتنهار كانهيار ثمود وعاد، وهكذا فكر (فكنكش)، ثم استدبر فحاور، ثم أقبل إلى نصفة الآخر يسعى، وما خُفي كان أعظم.
أبصم، بأبهاميّ هاتين، أن (الجماعة) لو كانت عقدت قرانها بالسلطة على (ساندوتشات) ثريا، لما وجدت حرجاً في (تقاسم) الطعمية أو حتى الهوت دوق مع بقية الأحزاب الموجودة في نفس الصيوان.
إذن، ألاّ يحق لنا أن ندعو إلى تعميم حالة (ساندوتشات) ثريا، على السياسيين.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version