انتخابات 2010 كانت غريبة في شكلها وفي مخبرها لأن ظرفها كان غير عادي فقد كانت جنينا مشوها لنيفاشا. لقد ثبت ساعتها أن الارادة السياسية المحلية والدولية تتجه لقيام دولة الجنوب المستقلة فالحركة الشعبية ارادت الانفراد بالجنوب كدولة لها سيادة بينما المؤتمر الوطني اراد الانفراد بالسودان الفضل فكانت الصفقة استفتاء الجنوب مقابل الانتخابات في السودان الشمالي ليس هذا فحسب بل استفتاء (مضروب) مقابل انتخابات (ماسورة) ليأتي مركز كارتر ليقول إنها انتخابات تفتقر للمعايير الدولية إلا أنها تفي بالمطلوب. المطلوب كان واضحا لنا ياسيد كارتر. كان هو اكمال الصفقة. فهي (بندورا وكشفنا دورا).
لما كان واضحا ان الانتخابات ستكون على مزاج ومقاس المؤتمر الوطني انسحبت المعارضة بعد ان أبدت بعض الهمة فقد تأكد لها أن الشغلانة منتهية وكانت هذه فرصة للمؤتمر الوطني ان يقدم عناصر قوية تكون على قدر الوظائف الدستورية التي سوف تملأها عملية الانتخابات فقد كان في مقدوره ان يعجم كنانته ويخرج منها من يستحق ان يكون واليا ومن هو جدير بعضوية البرلمان القومي ومن يستحق البرلمان الولائي. قد يقول قائل إن فاقد الشيء لا يعطيه ولكن المسألة هنا نسبية فالمؤتمر الوطني كفى الناس شر الجدال فاستغل الفراغ وقدم أصحاب الولاء على اصحاب الكفاءة، فيه الولاء للذين يقودون دفة الحكم وليس الولاء للفكرة او حتى للوطن، فالجالسون على القمة لا يريدون اي شوشرة لانفرادهم بمقادير البلاد. يريدون الاستمرار مهما كان الثمن ولكنهم هاهم الآن ينسحبون طوعا او كرها. فالمهم انهم فكوا جماعتهم عكس الهوا وهذه قصة أخرى.
المهم لم تفرز الانتخابات أي سياسيين جدد او سياسات جديدة انما اضافت إضافة كمية لعدد الدستوريين وعدد المنتفعين وزادت الامتيازات وانعدمت الانجازات فحدث التململ والضجر ليس من الجالسين على الرصيف والمتفرجين على الانقاذ بل من داخل بيت الانقاذ فكانت مذكرة الالف اخ وسائحون ومنبر السلام وحزب العدالة والاصلاح الآن والمحاولة الانقلابية وأخيرا جاءت المتغيرات الكبيرة على مستوى المركز.
لقد تأكد للناس ان البرلمانات كانت اكثر من صورية وان الولاة اقل من المطلوب بكثير وان التغيير على مستوى المركز وحده لا يكفي وان ما يجري في الولايات من خرمجة وفشل امر تشيب له الولدان. باختصار تمحقت الامور فحدثت ثورات داخلية على ولاة الولايات وقد تغير معظمهم بالاقالة او الاستقالة الاجبارية او بأمر طوارئ ومن تبقى منهم فإنه جالس على فرع تهبه الريح وقد بل راسه في انتظار الزيانة.
لعل من الطرائف التي يمكن إيرادها هنا ما ذكره السيد والي سنار من انه وال منتخب وليس في مقدور احد ان يزيحه الا بالوسائل التي حددها الدستور فعن اي انتخابات تتحدث ياسيد عباس وانت تعلم قبل غيرك ان مركزية الحزب هي التي جاءت بك وهي التي مولت انتخابك الصوري وان اهل سنار ليس لهم ناقة او جمل في اختيارك وان الانتخابات التي اتت بك مخجوجة ومرجوجة وبدون منافس فهل كنت وحيد زمانك؟ هل اصبحت واليا بشعبيتك الجارفة؟ اكان ياخي تقول انك تحت اشارة الحزب الذي أتى بك وانك رجل سياسي تأتمر بأمر حزبك الذي جعلك واليا على سنار ولو طلب منك ان تستقيل فسوف تفعل حتى لا تكون ناكر جميل. نقول قولنا هذا فنحن لسنا من مواطني سنار العظيمة ولا نعلم كثير شيء عن انجازاتك او اخفاقاتك هناك انما اردناك مثالا حيا لإثبات ما ذهبنا اليه من رأي سياسي.
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]