الخرطوم (smc) الجزيرة نت:
حث الباحث بجامعة أوكسفورد مارك غوستافسون المسؤولين الأميركيين وناشطي حقوق الإنسان إن كانوا يريدون تحسين الوضع في منطقة دارفور السودانية، على الاعتراف بوجود تغيير كبير في حجم وطبيعة العنف هناك، والتوقف عن وصف ما يجري بالإبادة الجماعية، ووقف السعي لمعاقبة الحكومة السودانية وحدها.
وأكد الباحث الذي يعد رسالة دكتوراه حول التوجهات السياسية بالسودان, على أن جهود الأطراف التي تحاول المساعدة في رفع المعاناة عن أهل دارفور يجب أن تنصب اليوم على تمويل العملية السلمية وعودة المشردين البالغ عددهم مليونين إلى قراهم ومدنهم.
وأبرز في مقاله الذي نشرته صحيفة كريسيان ساينس مونتور الأميركية كون صراع دارفور أسيئ فهمه بصورة قل مثيلها في العصر الحديث.
واتهم حركة “أنقذوا دارفور” بلعب دور محوري في تضخيم ما جرى بهذا الإقليم من قتل واغتصاب وتشريد, مما جعل الصراع في دارفور يلفه سوء الفهم بشكل ربما لم يشهده صراع مثيل في العصر الحديث.
وقال إن نشطاء “أنقذوا دارفور” اتخذوا من الإثارة وسيلة لتوسيع عدد أعضائهم بما سمح لحركتهم بأن تصبح إحدى أكبر الحركات الناشطة بالولايات المتحدة الأميركية في التاريخ الحديث.
فقد ضخموا عدد الإصابات, وزعموا أن مئات الآلاف من الدارفوريين قد قتلوا, وهو ما عزز نجاح حملة العلاقات العامة التي شنوها لكنه أضر بمن هم في أمس الحاجة لتقديم يد المساعدة. وما حاولت هذه الحركة طمسه هو الحقيقة الجلية بأن غالبية ضحايا هذا الصراع تضرروا نتيجة الأمراض وسوء التغذية لا الإبادة الجماعية.
كما ظل الكثير من نشطاء هذه الحركة يحرفون حقيقة طبيعة العنف في دارفور، ويعلنون أن الحكومة السودانية والقبائل العربية “الشريرة” المتحالفة معها هي المسؤولة عن جل ما يشهده الإقليم من إراقة للدماء إن لم يكن كله.
وقد سخرت الحركة لذلك إعلاناتها ورسائلها الإخبارية ومواقعها على الإنترنت التي ما فتئت تستخدم عبارة “إبادة جماعية” لوصف ما يجري في دارفور.
ولا شك أن جرائم فظيعة قد ارتكبت في هذا الإقليم، لكن المسؤولية عنها لا تقتصر على الحكومة وإنما تشمل كذلك الحركات المتمردة.
غير أن استخدام عبارة “الإبادة الجماعية” وإلصاقها بطرف واحد دون غيره أدى إلى تجاهل الطرف الآخر.
واليوم أيضا لا يزال سوء الفهم يلف الوضع في دارفور، إذ أن جل ما يشهده من عنف هو في الواقع بسبب ما يقوم به قطاع الطرق والخارجون على القانون وكذلك بسبب الاقتتال الداخلي بين الحركات المتمردة نفسها.
وحسب تقرير للجنة الأمم المتحدة والوحدة الأفريقية العاملة بدارفور (يوناميد) فإن 16 شخصا الذين قتلوا بهذا الإقليم خلال يونيو/ حزيران الماضي لم يكن مقتل أي منهم مرتبطا بالصراع بين القوات الحكومية السودانية وبين الجماعات المتمردة.
وعليه فإذا كان المسؤولون الأميركيون ونشطاء حركة “أنفذوا دارفور” جادين في محاولة المساعدة في حل هذا الصراع, فعليهم أن يعترفوا أولا بالتغييرات الكبيرة التي طرأت على حجم وطبيعة العنف بدارفور.