قبل نحو عامين استضافني تلفزيون «الشروق» في إحدى نشراته للحديث عن علاقة السودان بدولة جنوب السودان، في أعقاب أحداث هجليج المؤسفة، وأذكر أنني قلت ـ نصاً ـ إنه لا اتفاق بين «الخرطوم» و «جوبا» في مجمل القضايا، وإلا لم يحدث انفصال، لذلك لن يتم تطبيع كامل للعلاقة بين البلدين، إلا إذا نجح نظام في إزالة الآخر، أو عملت الظروف الداخلية أو الخارجية على الإطاحة بأحد النظامين.. فـ«ربما» بعد ذلك يحدث تقارب بين البلدين «الشقيقين»!
الأحداث التي جرت بعد ذلك التاريخ ظلت تؤكد على الدوام صحة ما ذهبنا إليه، خاصة في ما يتعلق بدعم «جوبا» للجبهة الثورية بكل مكوناتها، وعلى رأسها ـ قطعاً ـ الحركة الشعبية قطاع الشمال، ثم الاتهامات المستمرة من قبل حكومة الجنوب للسودان بأنه وراء كل هجمة تتعرض لها مدينة أو قرية على الحدود، ثم اتهامات وحديث غير مسؤول من قبل عدد من الناطقين باسم حكومة جنوب السودان يتطاير هنا وهناك من خلال الوكالات والفضائيات يشير إلى أن «الخرطوم» تدعم قوات المتمردين الجنوبيين الذين يقودهم الدكتور «رياك مشار» وغير هذا كثير.
قبل أيام ولحظة إطلاق سراح معتقلي الجنوب الأربعة ـ باقان والذين معه ـ عقد رئيس دولة الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت مؤتمراً صحفياً وصف فيه إطلاق سراح خصومه بأنه ثمن لجلب السلام، ومع ذلك اتهم من أطلق سراحهم من قبل بأنهم سبب الأزمة وأن إطلاق سراحهم يساهم في إيجاد حل سلمي لها.
ما يقوله الرئيس سلفاكير يهمنا بالتأكيد، للعلاقة والتداخل والحساسيات بين الحكومتين، لكن الذي يهمنا أكثر هو ما يقوله عن السودان، فقد قال إن الرئيس البشير هدده ـ نعم هدده ـ بإغلاق أنابيب النفط عندما قام الرئيس سلفاكير بزيارة الخرطوم مؤخراً، مشيراً إلى أن التهديد جاء بعد تمسك الرئيس البشير بموقفه الداعي إلى تحديد نقاط الصفر الحدودية.
خلاصة ما قاله السيد سلفاكير أنه لم يختلف مع الرئيس البشير، ولكن لم يصل معه لأي اتفاق!.
تصريحات السيد الرئيس سلفاكير ميارديت الأخيرة التي تؤكد على حرصه وحرص حكومته على العلاقة مع السودان وأنها تاريخية، وأن السودانيين شعب واحد يعيش في دولتين، نجدها ـ أي تلك التصريحات ـ لا تنسجم مع ما قاله من قبل، ونحن لا نعرف ما الذي سيقوله اليوم أو غداً.. وكأنما السيد سلفاكير يطبق مقولة «لكل مقام مقال».. لذلك لن نعرف مطلقاً بأي لسان سيتحدث السيد سلفاكير غداً.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]