كشفت دعوى قضائية أمام المحاكم الاسرائيلية أن 5 من عمال مفاعل ديمونة الذري الإسرائيلي تحولوا إلى “فئران تجارب”، بعد أن شربوا مادة اليورانيوم، أثناء تجربة أجراها عليهم خبراء في المختبرات الكيماوية في المفاعل عام 1998.
فقد جاء في الدعوى التي رفعها عامل سابق في المفاعل، أن التجربة أجريت على العمال رغم أنها لا تستجيب لميثاق “هيلسنكي” العالمي الذي أقر عام 1964، والذي يحدد شروطاً لإجراء تجارب طبية بما في ذلك التجارب على البشر، من بينها الحصول على موافقة خطية من قبل الذين تجرى التجارب عليهم، وإحاطتهم بمعلومات مفصلة عن التجارب وتأثيراتها، إضافة إلى وجوب إخضاعهم لفحوص طبية بعد التجربة.
ونقلت صحيفة “هآرتس” عن محضر الدعوى، أن المسؤولين عن العمال طلبوا منهم شرب اليورانيوم، رغم عدم موافقتهم الخطية على ذلك، وعدم إحاطتهم بأي معلومات حول المخاطر أو التأثيرات الجانبية التي يمكن أن يتعرضوا لها بسبب التجربة.
وقال العامل يوليوس ملك، الذي رفع الدعوى قبل 4 أشهر، في محكمة العمل في بئر السبع، إنه أجبر على الاستقالة بعد أن كشف عن وجود تجاوزات في المختبرات، وبعد أن تعرض لتهديدات من قبل المسؤولين عنه بأنهم سيقيلونه إن لم يستقل بنفسه.
وذكرت اللجنة للطاقة الذرية أن معهد الأبحاث المعروف باسم “قرية الأبحاث الذرية” يضع على سلم أولوياته سلامة وصحة عماله، ولكون شكوى العامل لاتزال قيد البحث في أروقة المحاكم، فإنها لا تستطيع الرد على الادعاءات في هذه المرحلة.
وقال المحامي اليكساندر سبينرد في الدعوى إن موكله و5 آخرين شربوا اليورانيوم بناء على طلب المسؤولين عنهم، وإن موكله استجاب لطلبهم خوفاً على مصدر رزقه.
نص الدعوى
وجاء في الدعوى أنه رغم عدم اطلاع العمال على نتائج التجربة، فإن النتائج نشرت من خلال مقال في مجلة Health Physics العلمية.
ونشرت في المقال أسماء الأشخاص الذين أجريت عليهم التجارب دون الحصول على موافقتهم، وكان المقال موقعاً باسم الباحثين الذين اجروا التجربة، الأمر الذي اعتبره المشتكي تعدياً على حقوق الفرد.
ويظهر في تفاصيل الدعوى أن كل شخص من الذين خضعوا للتجربة حصل على كأس من عصير العنب، تم وضع اليورانيوم فيه.
وبعد أن شرب المشاركون العصير، طلب المسؤولون منهم أن يزودوهم بعينات من بولهم لإخضاعها لفحص مخبري، بهدف فحص طرق خروج اليورانيوم من الجسم عبر الجهاز البولي.
وقال العامل المشتكي لمحاميه أثناء اطلاعه على مجريات القضية: “توجه مسؤولان يدعيان كرفس ولورفر وأخبراني بوجود تجربة، وطلبا مني شرب العصير الذي يحتوي على يورانيوم. قالوا إن هذا لن يكون خطراً. وادعيا أنهما أيضاً مشاركان في التجربة، لكن حتى اليوم لا أعلم إن كانا فعلاً مشاركين. بعد ذلك قال لي زملاء في القسم الذي اعمل فيه بأني أحمق لشربي اليورانيوم”.
وأضاف”في إحدى المرات، فترة طويلة بعد التجربة، أخبرني لوربر أن التجربة كانت بمبادرة ذاتية منه ومن كرفس. هذا بالطبع ادعاء سخيف، لأنه ظهر في المقال أسماء أشخاص آخرين، وقعوا على المقال بصفتهم عاملين في معهد الأبحاث.
وجاء في نص الدعوى “أن المسؤولين عن المشتكي لم يكلفوا أنفسهم إعلام طبيبه الخاص بخضوعه للتجربة، الأمر الذي يمكن أن يعرض صحته للخطر مستقبلاً”.
ويطالب العامل المشتكي المصنع بتعويضه بمبلغ 1.8 مليون شيكل، أي نحو نصف مليون دولار.
وكان العامل قد تعرّض في نفس العام لحروق في يده نتيجة مواد خطرة ولمسه لمادة اليورانيوم، وادعى أن العلاج الذي تلقاه لم يكن لائقاً.
محضر الدفاع
وجاء في محضر الدفاع الذي تقدم به معهد الأبحاث لمعروف باسم “القرية للأبحاث الذرية”، أن إدارة المعهد تنفي معظم ما جاء في الادعاء. وقال”المدعي لم يقدم أدلة طبية تثبت وجود ضرر صحي، كما أن المشاركين في التجربة فعلوا ذلك تطوعاً منهم، وتمت إحاطتهم بكل المعلومات حول التجربة، حول أهدافها ومخاطرها. كذلك فإن كمية اليورانيوم (100 ميكروغرام) التي شربها المشاركون في التجربة، هي أقل من الكمية التي يشربها مواطن من بئر السبع من مياه الحنفية خلال شهر”.
وأضاف محضر الدفاع “بحسب، المقال، فإن الشخص الذي يشرب على مدار شهر لتراً واحداً من السوائل في كل يوم، يدخل إلى جسمه نحو 150 ميكروغرام من اليورانيوم. بناء عليه فكون الكمية في التجربة وقفت عند 100 ميكروغرام، أي أنها صغيرة ولمرة واحدة، فإنها لم تتسبب بأضرار للمشاركين. وفحص البول الذي أجري بعد التجربة بوقت قصير بيّن بوضوح أنه خلال ثلاثة أيام عاد مستوى اليورانيوم عند جميع المشاركين إلى طبيعته”.
العربية نت