* ترفدنا هذه الأيام ميادين فعاليات الأحزاب بمواد مهنية هائلة، وقد غدت سوقاً صحافية رائجة، فربما كان الصحافيون أسعد الناس والفئات بهذه التدفقات المعلوماتية، الدراماتيكية المدهشة.
* أنقل في هذه الفقرة جملة سياسية مذهلة بطلها الأستاذ يوسف حسين، الزعيم الشيوعي الأشهر بعد رحيل الأستاذ نقد، قال الراوي الذي نقل الجملة (لقد تهكم الأستاذ حسين من الوديعة القطرية المليارية، وقال إنها لن تحل مشكلة الاقتصاد السوداني الذي يحتاج الآن إلى ستة مليارات دولار أخرى).
* واندهش هنا كما تندهشون (لأدبيات التهكم)، وذلك حيال صنيعة تستحق الشكر لله أولاً، ثم لدولة قطر الشقيقة التي لا ذنب لها سوى أنها استودعتنا مليار دولار، عله يساهم في تخفيف وطأة الأسواق على الشعب، الشعب الذي يستهدفه الأستاذ يوسف حسين، ويسعى لاستمالته.
* ولو أن الدولة السودانية في هذا التوقيت تحتاج لستة مليارات دولار، وأن دولة شقيقة قد وفرت لنا منها مليار، ألن تكون هذه خطوة في الطريق للتغلب على المصاعب الاقتصادية.!
*غير أن الحقيقة المؤلمة هنا شيئاً آخر تماماً، على أن القوم الذين خرجوا إلى الميادين ينظرون إلى هذه المنحة المليارية كما لو أنها محاولة لإخراج النظام من محنته، المنحة مقابل المحنة.!
* والذي يزيد طين القضية بلة، هو أن الدولة الداعمة في هذه الحالة، هي دولة قطر التي عرفت بوقوفها مع الأنظمة الإسلامية، ولا زال الرفاق هناك في مصر يرجمون قطر بوابل من البرامج السياسية التلفزيونية الساخرة، والدوحة كشجرة النخيل يرمونها بالحجارة، فترميهم بالثمر.
إذن لم تسلم الدوحة هي الأخرى في (تمهيدي حريات)، ولا ذنب لها يومئذٍ سوى أن استودعت مصرف دولة السودان المركزي مليار دولار أمريكي.!
* ربما يلاحظ المواطن الذي (حزبه قفة ملاحه)، وكما قال الكتيابي: (الذي جبته قبته، وقبته جبته)، ربما يلاحظ أن ميادين الثورة الجديدة تعزف كورالاتها على وتر المزيد من تعقيدات الحياة المعاشية فقط لكي يجوع الشعب ويخرج بالطرقات.!
* وفي المقابل، يفترض أن (الطرح الأ خلاقي البديل) يكمن في تقديم رؤى أخرى يمكن بمقدورها تيسير حياة المواطنين، على افتراض أن هذه (الخطة الجهنمية) التي تنزع إلى تحجيم المساعدات إلى النظام ستقتل المواطن (إسلامياً)، ثم تفتأ تحييه (ماركسياً)، أن يموت تحت أقدام حكم الإسلاميين.. لتكون طوق النجاة (الإنقاذ الماركسية) المقبلة!.. ليس هذا المنتظر.
* فالذين يذهبون إلى الميادين تحت بند وجند (قفة الملاح).. لن ينالوا حبة (بنضورة ولا ربطة جرير)، فهذه النخب التي تتدثر (بربطات العنق) الحمراء ليست في جعبتها (ربطة جرير ولا كيلة فتريتة).!.. بحيث نسمع طحناً وضجيجاً.. ولا نرى عجيناً.!
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]