قبل الغوص فى أعماق حديثنا أود الأشارة الى أننا كثيرا ما نفكر فى الزواج على أنه العلاقة الحميمة التى تجمعنا بأزواجنا، ولكن فمن الممكن وجود حالة زواج مع أعماق أنفسنا.
فعلاقة الزواج مع أنفسنا هى العلاقة الحميمة مع ذاتنا، والتى نحتاج فيها الى مزيد من الحب والأحترام والتقدير والتفاهم، ومن ثم تحقيق السعادة والهدوء.
وعند الأنتهاء من هذه التجربة الممتعة، فيمكننا أخذ ما تعلمناه منها وأن نضفيه على زواجنا ليصبح أكثر هدوءا واستقرارا وأن يسوده مناخ الحب والمودة.
الربيع
أن ربيع الزواج هو الفترة التى يبدأ فيها الزواج، وغالبا ما نكون فى فترة الشباب حيث لا حدود للأثارة والرغبة والتفاؤل.
فنحن نعتقد فى هذه الفترة أن الزوج هو كل الحياة وأنه الشخص الوحيد القادر على تحقيق أحلام العمر مهما كانت مستحيلة.
وخلال هذه المرحلة المبكرة نحن لا نرى ولا نسمح لعقلنا أن ينظر الى تجارب السابقين، فضوء الحب الساطع يعمى أبصارنا عن كل شىء، ونكتب فى عهد زواجنا “أرجوك أن تمحو كل ما بى من ألم، وأن تحبنى للأبد”.
فهذا بالطبع لا يحدث ولكن هو ما يفكر به أغلبنا.
الصيف
ان صيف الزواج هى فترة مجيىء الأطفال الى حياتنا، فالأطفال هم من يملئون حياتنا بمزيد من المرح والحب والمتعة، مع ازدياد المسئولية بلا شك.
ومع مرور السنين ونمو الأطفال تبدأ الخلافات بين الزوجين ،ويبدأ الزوج باتهام زوجته بأنها ليست من أحبها وقام باختيارها.
وفى وقت لاحق من هذه المرحلة تبدأ مرحلة زواج الأبناء وانتقالهم الى عش الزوجية الخاص بهم مثلما فعل آبائهم.
فالأزواج والزوجات يسمحون لهم بالرحيل مع قليل من الأسف، فتلك هى الصحة العاطفية والأختيار الذى لا بد منه.
عندها ننظر حولنا فلا نجد تلك الأصوات المعتادة، حيث أن الأمر أصبح فى غاية الهدوء وأن هناك شيئا ما ينبغى أن يتغير، يظن كلا الطرفين أن التغير يجب أن يكون من الطرف الآخر، ولكننا ندرك فى النهاية أن التغيير لا يتم الا من داخل أعماقنا .. هنا نستطيع أن ندرك مدى أهمية التزوج مع أنفسنا وكم هو مفيد حقا.
فنسعى وقتها لفهم أنفسنا مرة أخرى، وان هذا الفهم سيمدنا بالحماية ليس فقط لأنفسنا بل ولأزواجنا أيضا.
فى تلك الفترة نبدأ بربط زواجنا الداخلى مع الخارجى، وأن نقدر مواطن القوة والمجد فى أزواجنا.
ومن هنا نبدأ أن ننمو حقا، ولكن علينا أن نضع فى الأعتبار أن مثل هذه الطريقة لا تنفع فى البعض من الزيجات، وربما يتنهى الأمر بانفصال الزوجين لمجرد أنهما لم يستطيعا فهم بعضهم البعض، كما ينبغى علينا أن ندرك أن ليست كل الزيجات قد خلقت فى الجنة، فهناك نسبة من الفشل ولكن نأمل أن تكون قليلة.
الخريف
ان خريف الزواج هو فترة انتقالية، نبدأ خلالها بمراقبة أولادنا وهم يربون أطفالهم، ولكننا نفضل أن نأخذ خطوة للوراء، ونتركهم ليعيشوا حياتهم كما يشاءون.
خلال تلك الفترة نعيش لحظات ممتعة مع أحفادنا، نرجع بأيامنا للوراء ونلعب معهم مثلما كنا نفعل مع أولادنا.
فرؤية أمتداد أسرتنا لشىء عظيم وممتع حقا، ونسعى لأن نملأها بمزيد من الحب والمرح والسعادة وأيضا الأستقرار.
الشتاء
ان الشتاء هو فصل الزواج الأخير الذى يكون أما بمفردنا لوفاة أحد الطرفين، أو فى انتظار للقدر المحتوم.
خلال تلك الفترة نعيش داخل أعماقنا أكثر، ونتذكر كل اللحظات السعيدة التى مرت علينا، وندين بالشكر لمن كانوا معنا أثناء مشوار حياتنا الطويل، ومن ساعدونا فى العديد من النجاحات والتطورات التى شهدناها.
كما نطمح لآخر المزايا التى يمكن أن نحصل عليها خلال تلك المرحلة، ونعمل مدركين أن كل يوم جديد يمكن أن يكون هو يومنا الآخير!
وأخيرا وبعد تلك الجولة السريعة داخل أعماق أنفسنا وعلى مدى الأربعة فصول من فترة الزواج، أتمنى لكم أن تعيشو كل مرحلة بأحلى ما فيها من لحظات وأن تنعمو بزواج أكثر رومانسية وحب وعطاء.
مصراوي