يحكى أن وضمن المتوالية المتصاعدة لارتفاع قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملة المحلية (الجنيه السوداني)، شاع يوم أمس أن أسعار الدولار وصلت إلى الرقم تسعة آلاف جنيه سوداني، وأنها مرشحة للارتفاع أكثر خلال الأيام المقبلة، ويأتي هذا بالرغم من توقعات البعض بأن تنخفض قيمة الدولار مقابل الجنيه بعد الوديعة القطرية الدولارية المليارية التي أدخلت مؤخرا إلى خزينة بنك السوداني، لكن يبدو أن (التحليلات) لم تكن صائبة أو أن (ظروفا) أخرى هي التي تتحكم في أسعار العملات وصعودها المتتالي و(صفع) الجنيه السوداني وتدني قيمته.. وهذا شأن اقتصادي بحت يحتاج لمتخصصين والمجال ليس مجاله هنا، فما يهمنا الآن وهنا حالة (التنكيت) التي انتابت الكثيرين بعد انتشار هذا الخبر، أو بالأحرى هي التي أسهمت في انتشاره.
قال الراوي: “الدولار الأمريكي يحرز الهدف التاسع في مرمي الجنيه السوداني، المطلوب من الجمهور مواصلة التشجيع والصبر على الإدارة والتحلي بالروح الرياضية وعدم إلقاء الحجارة والاحتجاجات ونحن على ثقة أن جنيهنا سيحرز التعادل ويتفوق”.. بهذا (البوست) المكبسل الدقيق الساخر على (فيس بوك) لخص الصحفي (علاء الدين محمود)، أزمة الدولار ومأساة المواطنين (الجمهور) وسخرية الحكم (السوق) ولا مبالاة الحكومة (الإدارة).. تعليق كوميدي هازل يلخص مأزق البلاد الاقتصادي، الاجتماعي، الرياضي؛ لكنها كوميديا كئيبة تدخل في باب “شر البلية ما يضحك”.
قال الراوي: وعلى ذات المنوال دارت تعليقات الكثيرين من ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، في تداول الخبر بصورة ساخرة وناقدة تعبر عن الحال المتردي الذي وصل إليه الاقتصاد وما قاد إليه من ترد آخر في حياة الناس وتدهور معيشي وغلاء فاحش؛ يجد مبرره لدى أصغر تاجر في (سعر الدولار).. فهل يستطيع المواطن (الجمهور) أن يتصور إمكانية تحقيق فريقه (الجنيه) التعادل أمام الدولار؟ وهل بإمكان (الخيال) بكل قدرته أن ينزل مثل هذه الحلم إلى أرض الواقع؟ وهل يمكن لهذا (الجمهور) أن يستيقظ يوما ويجد الأسعار (كل الأسعار) في حالة ثبات، لم تتصاعد ولم تهبط؛ لكنها فقط تقف في مكانها؟
ختم الراوي؛ قال: روح الدعابة المثقلة بالإحباط تنقل الواقع النفسي لحال البلد، وتقدم لمن أراد صورة نموذجية للواقع الذي يعيشه الناس، الذي يعبر بامتياز عن (اليأس) من (الإدارة) ومن إصلاح حالها!
استدرك الراوي؛ قال: وكما علق أحدهم: التحكيم فاشل!
أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي