تتعدد مظاهر الأزمة الأمنية التي تعاني منها ليبيا، فبعد أزمة تصدير النفط برزت أزمة اختطاف الدبلوماسيين في طرابلس. حيث أفادت مصادر دبلوماسية عربية وأجنبية في العاصمة الليبية طرابلس، أن سفراء بعض الدول العربية والأجنبية غادروا بالفعل ليبيا يوم الجمعة، في ظل الاعتداءات على الدبلوماسيين والمقار الدبلوماسية،
وكانت آخر حلقات الاعتداءات على الدبلوماسيين اختطاف سفيري الأردن وتونس في ليبيا، والمطالبة بإطلاق سراح عناصر مسلحة مقابل إطلاق السفراء، وفجرت عمليتا الاختطاف اللتان جرتا الأسبوع الماضي الذعر وسط البعثات الدبلوماسية الأجنبية التي تعرضت من قبل لسلسلة من الاعتداءات في ظل عجز القوات النظامية من حمايتها، رغم تأكيدات عبدالله الثني، رئيس الحكومة الليبية المؤقتة المكلف، أن الحكومة تعمل الآن على اتخاذ إجراءات أمنية لحماية البعثات الدبلوماسية في ليبيا. ودعا الثني خلال الاجتماع المسؤولين بوزارة الداخلية، إلى بذل كل الجهود لحل مشكلة الانفلات الأمني، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لبث الطمأنينة في نفوس الدبلوماسيين الأجانب الذين بدأوا في مغادرة ليبيا وفي أحسن الظروف خفض عدد ممثلي البعثات إلى الحد الأدنى، وهو أمر بالغ الخطورة من جهة غياب العمق الدبلوماسي في مساعي الحكومة الليبية لمحاصرة تداعيات الفوضى الأمنية والسياسية التي تمر بها ليبيا.
وما يؤكد التعقيدات على مستوى الأزمة الأمنية الشاملة التي تعيشها ليبيا الأنباء الواردة من طرابلس بأن حشوداً مما يعرف بكتائب ثوار ليبيا تتمركز عند محيط العاصمة طرابلس وتهدد باجتياحها. حيث تداولت وكالات الأنباء أمس أن نحو ثلاث آلاف آلية عسكرية قادمة من مناطق الشرق والغرب والجنوب تتجه نحو طرابلس، وأكد آمر قوات درع ليبيا القوة الثانية محمد العريبي الشهير ببوكا، أن هدفهم تجميع الثوار لإيجاد حل لمن وصفهم بـ”عصابات الحكومة والمؤتمر الوطني العام (البرلمان)”، وشن بوكا العريبي خلال حديثه لـ(الجزيرة نت) هجوماً لاذعاً على رؤساء الحكومات المتعاقبة، ووصفهم بـ”العملاء”.
إذن المجموعات التي تحمل السلاح في ليبيا، هي التي تتحكم في البلاد والعباد وليست الطبقة السياسية، فهولاء المسلحون هم من اختطف رئيس الوزراء السابق علي زيدان، ثم في مرحلة لاحقة أرغموه على الاستقالة والهرب إلى خارج ليبيا، وعندما جاء خلفه عبدالله الثني، رئيس الحكومة المكلفة ولم يرق لهم اتهموه بأنه من اللجان الثورية، ويرغبون الآن أن يرسموا مستقبل ليبيا بحد السيف والدم، لأن هدفهم كما يصرحون هو قيام حكومة ثورية وشريفة بدل الحكومة الحالية.
في هذه الفوضى الأمنية والسياسية المتفاقمة في ليبيا، لن تأتي حكومة ثورية وشريفة كما يزعم المسلحون.. إذا أرادت ليبيا أن تختار الاستقرار عليها حمل المسلحيين على إلقاء أسلحتهم والعودة إلى صناديق الاقتراع بدلاً عن صناديق الذخيرة.. وإلى الأحزاب السياسية بدلاً عن الجماعات المسلحة.
[/JUSTIFY]العالم الآن – صحيفة اليوم التالي