(بارك الله) في الراحل حميد والراحل محجوب شريف والأستاذ القدال.. و(بارك الله) في سوءات الإنقاذ -صغرت أو كبرت- فلولا سوءات الإنقاذ وقصائد حميد ومحجوب شريف لأضحى منظمو ندوة المؤتمر السوداني وقوى الإجماع في ورطة كبيرة و(راسهم مقطوع)، فهم فعلاً لا يوجد عندهم أي برنامج أو موضوع يملأ وقت الندوة المحروسة بـ(أوفر تايم) من عناصر الشرطة.. وبالمناسبة، فإن حضور الشرطة لحماية الميدان وانتظارهم حتى نهاية تلك الليلة (الشعرية) يعني أن ندوات المعارضة هي الأخرى ستكلف البلاد ميزانيات تدفع لتغطية جهد الحماية من خزانة الداخلية رواتب ووقت إضافي لطاقم الشرطة المكلف (أجر استعداد)..!
كمواطن.. كنت أرجو أن أجد في ندوة ميدان (الرابطة) ما يجعلني أعتقد بأن قوى المعارضة ترغب وتطمح في الانتقال من (دوري الروابط) والناشئين إلى (الدرجة الثانية) أو الأولى..!!
لقد استمعت وشاهدت فيديو الندوة التي أقف أمام خيارين في توصيفها.. إما أن أصفها بأنها (ركن نقاش) طلابي غير ناضج سياسياً.. أو هي موصوفة بأنها(ليلة شعرية)..
فاروق أبوعيسى، قال إنهم يريدون حواراً يفضي لتفكيك نظام الإنقاذ وإقامة نظام ديموقراطي، وإنهم ليسوا ضد الحوار بشكل مبدئي.. وإنهم في قوى الإجماع على اتفاق تام.. وتنبأ بأن النظام سيسقط بعد شهرين، أي ستين يوماً بالضبط (كدا)..
قبله تحدث المهندس خالد عمر يوسف من كوادر مؤتمر الطلاب المستقلين – لاحظ أنهم حسب أبوعيسى متفقون- لكن خالد يقول إنه ضد الحوار تماماً، بل شبّه موافقة الصادق والترابي بالمصالحة مع نميري.. بمعنى أن أبوعيسى نفسه لو وافق على الحوار، فإن المهندس خالد و(وجماهير حزبه العريضة) من قواعد مؤتمر الطلاب المستقلين في الخرطوم وولايات السودان، بالإضافة إلى (مئات الآلاف) من جماهير حزب المؤتمر السوداني لن يوافقوا على الحوار، وبالتالي فإن الحوار سيفشل..!!!
أخشى أن لا يحضر أحد في الندوة القادمة للمؤتمر السوداني.. فقصائد حميد يمكن الاستماع إليها في المنزل، و(شتم الحكومة) لا يكلف المواطن أكثر من ساعة (انترنت) واحدة.. يطالع خلالها في حق الحكومة و( الكيزان ) مالم يقله مالك في الخمر..
هل تعتقدون أن هذا هو المعنى المقصود من عبارة (النضال من أجل الحريات)..؟ هل الحريات بمعناها الإنساني أصبحت بقدرة قادر لفظاً مرادفاً للفظ (الإزعاج) و(الثرثرة) و(الشتم) وتوزيع تهم القتل على خلق الله.. فلان مجرم.. وعلان قاتل.. وفرتكان مصاص دماء.. هل بلادنا ستتقدم إلى الأمام بهذا البرنامج..!؟
هل هذا بالضبط هو كل ما عندكم.. لماذا لم تتحدث الندوة عن عقبات موضوعية تمنع المشاركة في الحوار.. لماذا لم تتحدث الندوة عن تشخيص ومشروع علاج منطقي وموضوعي ومقنع في مشكلة دارفور.. وجبال النوبة.. والنيل الأزرق.. لماذا لم تقدم الندوة خطاباً سياسياً مواكباً يبدأ من آخر الأحداث ليناقش مثلاً الدعوة المطروحة لإعادة الوحدة، ثم يقدم تحليلاً عن أسباب الانفصال..؟.. جماهيركم كانت صائمة ياقوى الإجماع.. ألم يكن عندكم لها إفطار غير تلك (البصلة)..!!؟