من المحيط الى الخليج .. كلكم عبيد

[JUSTIFY]
من المحيط الى الخليج .. كلكم عبيد

ليس من المحيط إلى الخليج فقط، بل كل البشر على وجه هذه البسيطة من أقصاها الى أقصاها هم عبيد لله تعالى، من آمن منهم وصدق، ومن أبى واستكبر، وليس للعبودية لله درجات ومقامات قبلية أو إثنية تعلو بفئة على أخرى، أو تفضلها عليها إلا بالايمان والتقوى، وصدق العمل، واحسان القول، واذا كان قد مر على الكون حين من الدهر سادت فيه سيئة الذكر تجارة الرق والاستعباد، فذاك زمان قد ولى وانتهى إلى غير رجعة، وليس لعودته من سبيل، ولكن للأسف ما زال البعض هنا وهناك يعيش على أوهام النقاء العرقي والتفوق الإثني، وما زال بعض بعض الواهمين السذج الجاهلين هؤلاء يصف من يتوهم جهلاً وغباءً أنهم دونه حسباً ونسباً وعرقاً ب”العبيد”، وما يزيد الأسف أسفاً أن بعض من ينتسبون “حقاً أو زوراً” لملة العروبة والإسلام هم أكثر من تلفظ ألسنتهم النتنة هذه الكلمة القبيحة، بينما المفترض أن يكونوا الأبعد منها بأمر الدين، ولكن “الأعراب أشد كفراً ونفاقاً”…لقد آلمني جداً وحز في نفسي كثيراً أن يوصف لاعب كرة القدم السعودي”الأسمراني” الأشهر ونجمها الأبرز محمد نور ب”العبد”، وما يؤلم أكثر أن هذا الوصف “الزفر” زفره من يقال عنه أنه شاعر سعودي معروف يبدو أنه لم يرضَ عن بعض مواقف هذا اللاعب الذي يحمل نفس جنسية وهوية هذا الشاعر”بعظمة”، مع أن محمد نور يفوقه شهرة بما لايقارن، والمنطق هنا يقول اذا كان هذا اللاعب السعودي “عبداً” فبالضرورة يكون ذاك الشاعر السعودي في مرتبة عبودية متدنية لفارق الشهرة الشاسع بينهما… من لطائف السودانيين أنهم لطفوا كلمة عبد التي ينطقونها “عب” في دارجيتهم فجعلوا لها مقاماً ومكانةً على غير معناها الأصلي، فاذا وصف لك أحد “الشفوت” شخصاً ما قائلاً (دا عب كبير” فإنه يعني أنه صاحب مقام عالي أو وظيفة كبيرة، وبهذا المعنى فإن محمد نور عندنا “عب كبير وكبير جداً”، ولكن للحقيقة أيضاً وجه آخر إذ أن بعض السودانيين الواهمين الذين لو صادفهم ذاك الشاعر لوصفهم بالعبيد مثل نور، أو ربما وضعهم في مرتبة أكثر وضاعة، ما زالوا يطلقون كلمة “عب” على بعض بني وطنهم ولو سراً ومن وراء ظهورهم، رغم أن كل السودانيين بلا استثناء عند أمثال ذلك الشاعر كلهم عبيد، لا أدري جرياً على هذا الوهم لماذا يطلق بعض العبيد على عبيد مثلهم وصف عبيد، اللهم إلا أن تكون العبودية ذاتها مقامات، كأن يكون هنالك “عب درجة أولى” وآخر درجة تالتة، وتحضرني بهذه المناسبة الطرفة التي يرجح أنها حقيقة…الطرفة تقول إن مخدماً من احدى الدول إياها رغب في خدمات أحد السودانيين، فسأله عن اسمه كمدخل للاتفاق على طبيعة العمل والأجر، قال السوداني “عبيد”، قال المخدم (أدري انك عبيد، بس إيش اسمك، شو أناديك، وفي رواية أخرى أدري انك عبيد بس مين في العبيد)…ولا حول ولا قوة الا بالله واللهم لا تؤاخذنا بما يفعل السفهاء والجهلة منا…
[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي

Exit mobile version