** حسنا .. ثم ماذا بعد الإعتراف والتأكيد ..؟..فالأزمة ليست خريفا بحيث يتوقف مطره وسيله بعد شهر أوشهرين ، ليحل الربيع ..هى ليست ذات ميقات معروف ، ولا أحد يعرف حتى الآن متى يتجاوز العالم هذه الأزمة .. وإنحدار سعر النفط قد يتواصل إلى درك غير محدد ، ونهج إقتصادنا تعامل مع نفط البلد بنظرية البوبار ، حيث الإعتماد الإستراتيجي عليه فى الموازنة العامة بدأ قبل أن يجف عرق العامل الصيني ، والنهج لم يستبن قبل نصف عقد ونيف نصح الناصحين من خبراء الإقتصاد ، حيث نصحوه جهرا : هذا النفط يجب أن يسخر للزرع والضرع ، وتصدير الزرع والضرع خير للناس والبلد من تصدير خام النفط .. ولكن لم يسمعهم ذاك النهج ، وضرب بنصائحهم أرض الحائط ، وتمادى فى الإعتماد على تصدير الخام و بحيث صار إستراتيجيا في الموازنة ، وغض الطرف عن الإجتهاد وحث الناس على انتاج وتصدير ما هو ( أغلى من خام النفط ) .. وها نحن نجني ثمار نهج الكسل والتواكل والبوبار ، ونحصد : ليتنا لم نعتمد على خام النفط .. وهكذا نحن دائما عند كل خراب سوبا ، نقف على الأطلال ونحصد : ليت وياريت و..( لو عملنا كدة كان أحسن ) ..!!
** ترشيد صرف الحكومة على نفسها يجب أن يكون في قائمة أجندة المرحلة .. ولا داع للشرح ، فالحكومة تعلم وكذلك الناس بأن الأموال المهدرة في الأسفار والمهرجانات السياسية وخطبها ومسيراتها ، ليست بأموال قليلة ، ناهيك عن جيوش الدستوريين والسياسيين ، التشريعيين منهم والتنفيذيين ، على مستويات الحكم ، وعجزت عن إحصاء حجمهم ، وكيف نحصيهم إن كان هناك والٍ له من المستشارين ما يفوق عدد أفراد أسرتين ..؟.. ودع عنك مجالس التشريع بالولايات والمحليات ، تلك المجالس ذات الزحام كما سوق الجمعة ، ده غير كم محافظ برئاسة الولاية .. تخيل : محافظ برئاسة الولاية ، يا ترى ماذا يفعل أثناء ساعات العمل الرسمية ..؟..أي ، ماهى المهام التى يؤديها ، ليحل له الراتب والعربة والمزايا الأخرى التي تأثيرها على المواطن لا يقل عن تأثير الأزمة العالمية ..؟.. على كل ، ترشيد الصرف يجب أن يبدأ بتقزيم صرف هذه الجيوش ، فليصرفوا قليلا إن إنصرافهم مستحيلا ، أوهكذا الطموح ..!!
** ثم جدولة أولويات الصرف ، بحيث تتصدر القائمة خدمات الناس ، الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والتنمية .. والتنمية ليست هى الحدائق العامة يا ناس ، والحدائق العامة ونماذجها تسمى بالتطوير ، وهى مرحلة تالية للتنمية وليست سابقة لها ، ماذا يستفيد فاقد الصحة من الحدائق ، وماذا يستفيد الفاقد التربوي من اليخوت ، وماذا يستفيد المزارع المعسر من مباني المحليات ومقارها الوسيمة ، وماذا يستفيد فاقد الكهرباء والمياه فى الحي العشوائي منتجع الوالي السياحي ؟.. وهكذا ، هناك في حياة أي شعب أشياء ضرورية وأخرى كمالية ، فلنتعلم كيف نصرف على الضروريات حتى نوفرها للعامة وفيما بعد لا نمانع أن تصرف الحكومة على كماليات الخاصة ، إن شاء الله تبني قصوراً من ذهب وأبراجاً من العاج للسادة الولاة ورؤساء المحليات ونواب مجالسهم ، حفظهم الله ، …( مافي شئ معذبنا غير راحتكم ) .. وكيف لانتعذب إن كانت هناك محلية بولاية الخرطوم تتباهى بأن إيراداتها بلغت في الربع الاول من العام الحالي نسبة 70% من الربط المقدر .. تأمل : 70% في الربع الأول ، وقد يصل الإيراد نسبة 280% من الربط المقدر عند نهاية العام .. لو كانت موارد ذاتية وإستثمارات ، لفرحنا بهذا الربط المقدر ونسبته الفلكية ، ولطالبنا منح المحلية ومعتمدها وساما ونيشانا ، لكن للأسف هذا الربط الفلكى الذي تتباهى به المحلية هو ( جيب المواطن ) ..وهنا مكمن الأزمة السودانية التى لا تقل تأثيرا عن الأزمة العالمية ..!!
إليكم – الصحافة الخميس 09/04/2009 .العدد 5669