“توسان” الأول وزواج الطيش

[JUSTIFY]
“توسان” الأول وزواج الطيش

ممتع أن تقرأ خبراً يزيل عن يومك تقطيتبه الغاضبة، خبراً من النوع الذي تعتقد بعض الصحف أن (رصانتها) المُدعاة في الغالب هي التي تمنعها من رفعه أعلى صفحاتها الأولى، التي تهبها سُخرة لأخبار الحكومة، التي في المقابل تضن عليها بمساحة حرية بمقدار حبة خردل.

وبينما تمضي أخبار الصحف على هذا النحو، فإن الفاشر تمنح الزميلة حكايات أمس خبراً شيقاً، لم تعودنا عليه إذ قضى صراع الثيران المغاوير (كبر/ هلال)، على كل ما هو فاشري جميل، لكن الزميل (سيف الدين بخت)، وكعادته، انتزع خلال تغطيته لسير امتحانات الشهادة السودانية بفاشر السلطان، انتزع تصريحاً لطيفاً من مستشارة الوالي (كبر) لشؤون المرأة والطفل، رئيس اللجنة العليا للامتحانات بالولاية، حليمة تبن بوش، إذ كشفت عن تخصيص ولايتها سيارة ماركة (توسان)، لأول الشهادة السودانية على مستوى الولاية، وأضافت مازحة: الراسبون والراسبات لديهم أيضاً جوائز عبارة عن (شيلة عرس) لكل منهم.

بالطبع، فإن جوائز الراسبين التي أعلنت عنها المستشارة (تبن) جاءت في سياقِ هازل ومازج وطريف، وهذا سياق يستحق الاحتفاء والتأمل، فطالما درج الناس على تنظيم (مسيرات شتائم) كبرى (للطيش)، ورفعوا في تلك (المسيرات) شعارات قاسية تندد بـالطيش وتدينه وتصفة بأقذع الصفات وتطالب بإنزال أقسى العقوبات المادية والمعنوية عليه بأن يُضرب بالأحذية (الطيش يدقوا بالبراطيش).

وهنا دعوني، أشير وحتى لا تأخذنَّ الفرحة بتلابيب السيدة مستشارة (كبر) وصاحبة التصريح، وتظننَّ أنني (أنهال وأنثال) عليها مدحاً وثناء دونما (فرملة)، إلى أنني لست بصدد الثناء على مقترحها هذا إلا حين مقاربته بأسلوب (أجدادنا القدماء) القائل بضرب الراسبين بالبراطيش، وهي أحذية بالتأكيد – ليست من ماركة (بوس، كلارك، دي أند جي، وخلافها)، بل من فصيلة (المركوب، تموت تخلي، وحاجة كافرة، والخواجة دقس)، لذلك فإن هذه الدعوة التلطيشية البراطيشية تستبطن داخلها بجانب العقاب المادي، عقاباً معنوياً ونفسياً، لا نظير له في الأولين ولا في الآخرين. لكن السيدة (تبن) قضت عليه قضاءً مبرماً (ولو بمزحة)، فيما اقترحت عقوبة أخرى سمتها بهتاناً (جائزة)، وهي في الحقيقة ليست كذلك، إذ تشي أن الرسوب في امتحان الشهادة مرة، يعني انقضاء فرصة الالتحاق بالجامعات مرةً و إلى الأبد، وأن ثمة محاولات أخرى، ثانية وثالثة ورابعة، غير ممكنة، لذلك على هؤلاء الراسبين إكمال نصف دينهم طالما عجزوا عن إكمال تعليمهم، وفي هذا انتقاص من حقوق هؤلاء في المحاولة مرة أخرى، و(المزحة تقتل أحياناً).

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version