:: البروف محمد هاشم عوض، عليه رحمة الله، أستاذ الإقتصاد بجامعة الخرطوم في عهدها الذهبي، تخرج على يده الكثير من أبناء وبنات بلادنا و من أساتذة الإقتصاد بالعالمين العربي والافريقي حتى لُقب في أوساطهم ب ( أب الإقتصاد السوداني)..عاش عالماً عفيفاً، ولذلك لم يكن مدهشاً لتلاميذه وعارفي أفضاله بأن يموت زاهداً من حطام الدنيا.. في العام 2008، وهو يصارع المرض، أصدرت إدارة جامعة الخرطوم قراراً ضده بإخلاء ( منزل الجامعة).. فالقرار كان صادماً لتلاميذه وللصحافة لحد تحويله إلى ( قضية رأي عام).. ولم تسلم إدارة الجامعة من النقد والهجوم طوال أسابيع (قرار الإخلاء)..ثم تراجعت الجامعة عن قرارها، وأبقت البروف وأسرته بمنزلها حتى وافاه الأجل عن عمر مثقل بالعطاء للناس والبلد..!!
:: وللأمانة، في أسابيع الهجوم ، وهي موثقة بأرشيف الصحف، إقترح البعض بأن تتنازل جامعة الخرطوم لمنزلها لصالح البروف هاشم وأسرته..لم أهاجم جامعة الخرطوم على تطبيق اللوائح، و أبديت الرأي الرافض لفكرة التنازل عن منزل الجامعة للبروف هاشم، وناشدت الحكومة بتكريم البروف هاشم بمنزل يليق بعظمة العلماء، وبهذا تكون قد أعطت لمن يستحق، وكذلك ترفع الحرج عن جامعة الخرطوم لتطبق لوائحها على الجميع بمنتهى (العدل والمساواة) ..أي، بحثت عن منطقة وسطى ما بين عظمة البروف هاشم وأهمية تطبيق اللوائح، فوجدتها في هذا التكريم الذي يليق بالبروف هاشم و يرفع الحرج عن الجامعة..ثم، كان – ولا يزال – أهل البلد يحلمون بأن نضع في العمل العام حدود واضحة ما بين ( العواطف) و (القوانين)، بحيث لا تتجاوز إحداها حدود الآخرى، ولذلك كان مقترح إخلاء المنزل العام مقابل تمليك البروف هاشم ( منزل خاص)….!!
:: ولكن ، المسافة بين أحلام الناس وأفعال مرافق الدولة ( دائما بعيدة)..ولذلك لن يراوح الحال المائل مكانه إلا نحو ( المزيد من العوج)..ونقرأ ما يلي كنموذج من نمازج تطبيق لوائح جامعة الخرطوم بمكيالين، إذ يقول الخبر : ( بعثت إدارة جامعة الخرطوم خطاباً للبروف الزبير بشير طه – والي الجزيرة – تطالبه بإخلاء منزل الجامعة بعد إنتهاء فترة عمله بالجامعة)، هكذا كان خبر الثلاثاء الفائت.. بعد عقد ونصفه من إنتهاء فتره عمله بالجامعة، إنتبهت إدارة الجامعة الخرطوم بأن للجامعة بيتاً يقطنه ( والي الجزيرة)، وخاطبته باخلاء البيت..نعم، بعد أكثر من (15 سنة)، رغم أنف لوائح الجامعة التي تمهل الأساتذة في حال كهذا ( 3 أشهر)، أو تزيد قليلاً بحيث لا يتجاوز العام.. ولذلك نسأل، لماذا تلوي إدارة الجامعة عنق لائحتها و تكيل بمكيالين – بحيث تمهل الأستاذة ثلاثة أشهر فقط لاغير لإخلاء منازلها و تمهل والي الجزيرة بالبقاء في منزل الجامعة أكثر من (15 سنة)…؟؟
:: الإجابة، كما يقول الدكتور عبد الملك النعيم، مدير إعلام الجامعة، بالنص : ( التعامل مع الدستورين يتم بنوع من الخصوصية)..ثم يبرر هذا النوع من الكيل المخالف للوائح بالنص القائل : (إن كان هناك دستوري يقيم في منزل الجامعة فيتم إبقاؤه لإحداث أكبر قدر من الإستقرار لأسرته)، هكذا التبرير..للأستاذ الدستوري حق مخالفة لوائح الجامعة لتستقر أسرته ( 15 سنة)، أما زميله الأستاذ المواطن فليس له غير حق تشريد أسرته – بالإخلاء الجبري – بعد ( ثلاثة أشهر)..إنه نوع من المحسوبية و المحاباة والتطفيف في الكيل والميزان، ولكنهم يسمونه ب (نوع من الخصوصية)..ماعلاقة جامعة الخرطوم بالدستورين – ولاة كانوا أو وزراء – بحيث يبقون في بيوت الجامعة ( يوماً واحداً)، ناهيك عن ( 15 سنة).؟.. لوتعمقت إدارة جامعة الخرطوم في هذا السؤال، لما أبقت الدستورين ليلة واحدة في بيوت الجامعة، ناهيك عن ( 15 سنة).. ولكنها لم – لن – تتعمق في السؤال، إذ هي أيضا – كما السواد الأعظم من إدارات الخدمة العامة – يمتلكها إحساس أنها قطاع من قطاعات ( الحزب الحاكم)..!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]