* فى كلمته أمام ما عرف باسم (مؤتمر الحوار الوطنى) أعلن الرئيس عمر البشير اطلاق سراح اى موقوف سياسى لم تثبت عليه تهمة جنائية بعد التحقيق معه،
وقال انه اصدر توجيهات الى سلطات الولايات والمحليات والجهات المختصة فى مختلف أرجاء السودان بتمكين الأحزاب السياسية من ممارسة نشاطها السياسي داخل وخارج دورها بلا قيد لذلك النشاط إلا من نصوص القانون، وتحدث عن تعزيز حرية الإعلام بما يمكّن أجهزة الإعلام والصحافة من أداء دورها في إنجاح الحوار الوطني بلا قيد سوى ما يجب أن تلتزم به من أعراف المهنة وآدابها ونصوص القانون وكريم أخلاق السودانيين النبيلة، بالاضافة الى إلتزام الحكومة بتمكين حاملى السلاح من المشاركة فى الحوار الجامع وإعطائهم الضمانات الكافية للحضور والمشاركة.
* دعونا نعيد قراءة هذه القرارات ونحاول تحليلها لنرى ماذا تعنى:
* اولا، اعلن الرئيس اطلاق سراح أى موقوف سياسى لم تثبت عليه اى تهمة جنائية بعد التحقيق معه مما يعنى ان اطلاق سراح المعتقلين السياسيين الذين لم تثبت ضدهم اى تهم ليس رهينا بالقانون وانما بقرار من الرئيس شخصيا، والدليل هو اعلان الرئيس باطلاق المعتقلين السياسيين الذين لم يثبت التحقيق ارتكابهم لأى جناية ورغم ذلك كانوا قيد الاعتقال بدون اى سبب، ولو لم يطلق الرئيس سراحهم لظلوا قيد الاعتقال الى ان يقرر الرئيس اطلاق اسراحهم .. أى ان الذى يطلق سراح اى معتقل سياسى ليس هو القانون وإنما الرئيس، وما يؤكد ذلك ان جهاز الامن قال فى تصريحات صحفية بعد يوم من اعلان الرئيس انه أطلق سراح جميع الموقوفين السياسيين (امتثالا لتوجيهات الرئيس)، ولم يقل إمتثالا للقانون.
* ثانيا، ذكر الرئيس امام قادة الاحزاب التى شاركت فى المؤتمر إنه اصدر توجيهات الى جميع الجهات المختصة بالولايات والمحليات بالسماح لجميع الاحزاب بممارسة النشاط السياسى داخل وخارج دورها بلا قيد الا قيود القانون .. حسنا، فلماذا التوجيهات الرئاسية بالسماح للاحزاب بممارسة نشاطها إذا كان القانون هو الذى ينظم نشاط الأحزاب؟ الاجابة، ان الرئيس وليس القانون هو الذى ينظم أو يسمح بممارسة النشاط السياسى وإلا لما احتاج الرئيس لاصدار توجيهات للجهات المختصة للسماح للاحزاب بممارسة نشاطها.
* ثالثا، تحدث الرئيس عن تعزيزالاعلام للقيام بدوره بدون قيود سوى قيود القانون والعرف الصحفى والاخلاق السودانية، والسؤال مرة أخرى لماذا يعزز الرئيس الاعلام ليقوم بدوره إذا كان القيام بهذا الدور رهينا للقانون والعرف والاخلاق فقط ؟؟ ولست فى حاجة لتكرار الاجابة على هذا السؤال خاصة مع الممارسات اليومية لجهاز الأمن، الذى ينفذ الارادة السياسية، تجاه الصحف والصحفيين.
*أعلن الرئيس إلتزام الحكومة بتمكين حاملى السلاح من المشاركة فى الحوار وتعهد هو شخصيا بإعطائهم الضمانات الكافية للحضور والمشاركة .. وذلك رغم صدور احكام قضائية بالاعدام لقادة حاملى السلاح الذين يدعوهم البشير لالمشاركة فى الحوار مع تعهده شخصيا باعطائهم الضمانات الكافية للحضور والمشاركة، بما يعنى ان البشير وليس القانون هو من بيده تطبيق او عدم تطبيق عقوبة الاعدام او غيرها من الاحكام القضائية عليهم..!!
* يتضح من ذلك ان البشير هو الآمر الناهى الوحيد فى البلاد، وان ما يقرره هو القانون الذى يجب أن يلتزم به الجميع، وليس أى قانون آخر .. وليت الأمر اقتصر على دكتاتورية البشير المطلقة ولكنه يهزأ بالمشاركين فى الحوار فيعدهم بالحريات بينما يفعل عكس ذلك تماما، ورغم ذلك يتهافت المتهافتون على الاشادة بالحوار المهزلة فيصفه كمال عمر المحامى الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبى الذى كان قبل اسابيع قليلة أعدى اعداء البشير، بانه أكبر مؤتمر وفاق فى تاريخ السودان الحديث، بينما يتحدث الصادق المهدى باعجاب شديد عن حديث البشير ويمتدح ما جاء فيه من بشريات ثم يطير بعد ساعات قليلة مسافرا الى (الدوحة) الظليلة التى سبقه اليها الترابى قبل ايام واتى منها منتشيا ليتحدث عن مؤتمر الحوار ويدعو المعارضة للمشاركة فيه وكأنه الجهة الداعية له .. !!
[/JUSTIFY]
مناظير – زهير السراج
[email]drzoheirali@yahoo.com[/email]