في ترنيمة جعلها الكاتب والروائي الشهير يوسف زيدان ديباجة لكتابة (متاهات الوهم)، قال: (الحرف حمّال احتمالاتٍ، وأحواله مُحيِّرة)، ومنها أن الصادق المهدي، قال في تصريح لشبكة الشروق الثلاثاء المنصرم، إن أهم الموضوعات التي بحثها مع أمير قطر، تتعلق بتفاصيل الحوار الوطني لعلاج أزمة السلطة في السودان، على أساس يحقق قومية الحكم ليشترك فيه الجميع.
ومنها أن الأمين السياسي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر، قال إن أي محاولة للتقليل من الحوار تُعد ظلماً للمقاصد الطيبة والنبيلة التي يسعى من خلالها المؤتمرون لتحقيق غاية تعد الأسمى خلال هذه المرحلة، وهي الوصول لوفاق سياسي في السودان. ومنها أيضاً، أن بعض ما يسمون بمفكرين وكُتّاب، أراقوا مِداداً كثيراً، مراهنين على أنه (لو خلصت النوايا) فسينجح الحوار.
بالطبع، وكما عرّف (زيدان) في مقدمة (متاهات الوهم)، الوهم، بأنه الاعتقاد الخيالي بصحة أمر ما، والإيمانُ به، ثم المبالغة في تأكيده، دون أن يكون له إثبات في الواقع الفعلي. أجدُني أمضي في ذات سبيله، مع قيل من التحوير والتجيير والمقاربة، بغرض المماثلة والقياس، لا أكثر، لا أقل.
فكما الحرف، التصريح حمّال احتمالات، وأحواله محيرة، وكما الحرف بعض أحزاب المعارضة حمّالة احتمالات وأحوالها مُحيرة، لذلك تأتي تصريحات بعض قادتِها الكِبارْ كمتاهةٍ وهميّة، فلا يُمكن أن التعويل على مخرجات تأخذ بيد البلاد من أزمتها الراهنة إلى بر الأمان بـ (تحسين النوايا والإخلاص والتفاني والقاصد الطيبة والنبيلة التي تسعى لتحقيق الغاية الأسمى)، أو بعبارات مثل (يسعى الحوار إلى علاج أزمة السلطة في السودان، على أساس يحقق قومية الحكم ليشترك فيه الجميع).
عبارات وتصريحات، لا يُمكن أن تشكل قاعدة وأساس متين للحصول على نتائج حقيقية إيجابية، فلا يمكن أن يُدار حوار بالـ (نية)، وكأنه (مساومة) على صفقة بطيخ في السوق المركزي، أو بين (زبون وسائق ركشة)، يقول الأول للثاني (المشوار دا بكم، فيرد عليه: اركب، خليها بالنيَّة)، وكأن للنوايا تيرومتر (ميد إن سودان)، يقرر أن درجة النوايا الحسنة لدى المؤتمر الوطني، أعلى من تلك التي لدى حزب المؤتمر السوداني، مثلاً.
وكأن الحوار أغنية، (نحن ناس بنعيش حياتنا الغالية بالنيّة السليمة)، لذلك فإنني لست متفائلاً بهذه المفردات الوهمية المكتوبة بأحرف حمّالة احتمالات، ولا بتلك التصريحات (حمَّالة الحطب).
[/JUSTIFY]الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي