تساءل محللون سياسيون سودانيون عن إمكان نجاح الحركة الشعبية وحركات دارفور في إبقاء العقوبات الأميركية على السودان. وتباينت آراؤهم بشأن إمكان قبول اعتراضاتهم على تقرير المبعوث الأميركي للسودان سكوت غريشن الداعي لرفع العقوبات عن الخرطوم.
واستبعد المحللون أن تؤثر تلك الاعتراضات، خاصة من جانب الحركة الشعبية، في قرار الجنوبيين بالوحدة أو الانفصال في الاستفتاء المقرر في عام 2011.
وفي الوقت الذي رحبت فيه الخرطوم بطلب المبعوث الأميركي، واعتبرته خطوة باتجاه معالجة مشكلات البلاد، دعت الحركة الشعبية عبر أمينها العام باقان أموم إلى عدم التطبيع مع حزب المؤتمر الوطني، وعدم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب قبل تنفيذه اتفاقية السلام الشامل وحل أزمة دارفور.
بينما هدد رئيس حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور خليل إبراهيم بوقف التعاون مع المبعوث الأميركي إذا استمر في سياساته التي قال إنها تدعم الخرطوم في مواجهة أهل دارفور.
وقال أموم لدى مخاطبته لجنة الشؤون الأفريقية بالكونغرس الأميركي إن المؤتمر الوطني لم يركز على حل القضايا المتعثرة في اتفاقية السلام منذ توقيعها في يناير/كانون الثاني عام 2005، “وبالتالي يجب ألا تتم مكافأته قبل تنفيذ الاتفاقية وحل أزمة دارفور”.
عدم رضا
أما رئيس حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم فقد قال في تصريحات صحفية إن حركته وأهل دارفور غير راضين عن تقرير غريشن أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي “لأنه يضر بالمهمشين وبقضية السودان في دارفور وباتفاقية السلام في الجنوب”.
لكن السفير السوداني لدى الأمم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم أبدى ارتياح الحكومة للإشارات الإيجابية للمبعوث الأميركي، وقال إن “السودان ضحية للإرهاب وإنه تضرر من العقوبات الأميركية غير المبررة”، كما دعا إلى إقامة علاقات بين البلدين تحترم خيارات السودان وتراعي مصلحة الشعبين.
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم محمد حسن أحمد أن موقف الحركة الشعبية من رفع العقوبات عن السودان ليس له ما يبرره، وقال للجزيرة نت “يبدو أن الحركة من هذا الموقف تأمل أن تكون الضغوط متواصلة على الحكومة السودانية ونظامها مهما كانت العواقب، لأنها تعتقد أن إبقاء العقوبات على الخرطوم سيجعل المؤتمر الوطني في موقف أضعف”.
وأشار إلى أن ذلك غير مقبول أخلاقيا لأن الحكومة الحالية هي حكومة الشريكين قبل أن تكون حكومة المؤتمر الوطني.
رغبة الجنوبيين
وقلل أحمد من إمكان تحكم الخلافات بين شريكي الحكم بالبلاد في وحدة السودان أو انفصال الجنوب “لأنه مرتبط برغبة المواطنين الجنوبيين”.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين أسامة زين العابدين فلم يستبعد أن تنجح مواقف الحركة الشعبية في إقناع الإدارة الأميركية بعدم رفع العقوبات عن نظام الخرطوم، “لأن الحركة حليف إستراتيجي لأميركا، ولأميركا أجندة حقيقية في شرق أفريقيا تحتاج إلى من يساهم في تحقيقها”.
وقال زين العابدين للجزيرة نت إن اعتراض الأمين العام للحركة الشعبية ربما يمثل الرأي الرسمي للحركة، “وبالتالي لا أستبعد أن تستمر الضغوط الأميركية على الخرطوم، رغم مطالبات المبعوث الأميركي بتخفيفها”، مستبعدا أن يساهم موقف الحركة في تعزيز الانفصال.
ومن جهته استبعد أستاذ الإعلام بجامعة جوبا صديق أحمد صديق أن تنجح الحركة الشعبية أو الحركات المسلحة في دارفور في تغيير موقف الإدارة الأميركية “إذا ما اقتنعت الأخيرة بمبررات رفع العقوبات عن النظام السوداني”، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية عجزت من قبل عن تغيير مواقف الخرطوم تجاه كافة القضايا.
وقال صديق للجزيرة نت إن ما تنتهجه الحركة الشعبية من مواقف متشددة يمثل أوراق ضغط على المؤتمر الوطني لتحقيق مكاسب مختلفة، “وبالتالي فإنها تستخدم ورقة عدم رفع العقوبات حتى يتم تنفيذ كامل الاتفاقية وفق رؤية الحركة”.
الجزيرة نت