* قبل قضيتهم اليكم هذه الحكاية الريفية ( للونسة فقط ) .. لم نكن نعلم – ونحن في مرحلة ماقبل النضج – بأن نساء الحى حين يقررن عمل مشروع الصندوق الإدخاري – المسمى شعبيا بالختة – كن يبدأن مشروعهن باختيار القوية الأمينة التي تجتهد في تجميع المال ثم تسليمها لمن يأتي دورها في الميقات ، بحيث لا تتأخر في جمع المال من جاراتها ولاتتأخر في تسليمها لاحداهن ، وهى دائما تكون إمرأة بألف رجل ، أو هكذا نصف المرأة الحديدية في المجتمع .. اختيار القوية الأمينة كان من ثوابت نساء قريتي عند كل صندوق ، ونحن لم نكن نعلم ذلك عندما فكرنا في عمل صندوق بمدرستنا ، ولذا اخترنا – بالصدفة – زميلا ظل يفعل بصندوقنا فعلا غريبا ، حيث كان يجمع المال فى الوقت المناسب – أى في اليوم الثلاثين من كل شهر- ولكن يتأخر في صرفه لمن يستحق حتى منتصف الشهر التالي .. هكذا كان زميلنا ، و لم نكن نعلم سبب تأخيره للصرف ، الى أن تفاجأنا ذات يوم بأن هذا الزميل معروف في قريته بتجارة الدوم والنبق ، حزنا له ولتجارته ، حيث كان يشترى بأموال صندوقنا الدوم والنبق – آخر كل شهر – ويبيع ، وعند منتصف الشهر يخصم أرباحه ثم يأتي برأس المال لمن عليه ( صرفة الصندوق ) .. ولهذا كان يتأخر الصرف شهريا .. لم نكن نتقاسم معه الأرباح ، بل أخفاها عنا زمنا طويلا ، ولم نكن نستلم صرف صندوقنا في ميعاده ، حيث كان الصرف رأسمال ذاك الزميل أسبوعا وآخر .. المهم ، بعد موجة من الغضب والحزن قررنا نزع أمانة الصندوق من الزميل وتسليمها لزميل آخر اخترناه بالمعايير التى بها تختار نساء الحى أمينة صندوقهن .. تحسن حال صندوقنا ، وغفرنا لزميلنا ما ارتكبه في حق أموالنا ، وتنازلنا له – طوعا – عن أرباح ( الدوم والنبق ) .. انتهت الحكاية التي سردناها ( للونسة فقط ).. نرجع لأصل القضية …!!
* أصل القضية – يا سيدي الجهاز المركزي للإحصاء السكاني – هو أن الشباب الذين استخدمهم الجهاز المركزي للاحصاء فى عملية التعداد السكاني الأخير بمحليات أمدرمان وكرري وجبل أولياء وشرق النيل ، لم يستلموا أجورهم الى يومنا هذا ..انتهت أعمالهم بنجاح – كما قالت الحكومة – في اليوم السادس من شهر مايو الماضي ، ولكنهم الى اليوم – الرابع والعشرين من يونيو – لم يستلموا أجورهم .. بمحلية أمدرمان فقط أكثر من ( 600 شاب ) .. وعلى ذلك أجمع أعدادهم بالمحليات الأخرى ( الجبل ، كرري، شرق النيل ) ..كلهم – العدادون والمراقبون والضباط – لم يستلموا حقوقهم .. الشرع يأمر بأن يسلم للأجير أجره قبل أن يجف عرقه ، ولكن هؤلاء جفت الدماء في عروقهم وهم يبحثون ايابا وذهابا – مابين الجهاز المركزى للاحصاء والولاية – عن حقوقهم .. إدارة الجهاز المركزى تخبرهم بأن الولاية استلمت أجورهم ، ولكن الولاية تخبرهم بأن التمويل لم يكتمل من وزارة المالية .. هكذا حالهم منذ يوم انتهاء أعمالهم .. ما نعلمه – ويعلمه العالم – هو أن الأمم المتحدة هى التى دفعت – بنص نيفاشا وشهادة فريق الرقابة الدولية – أجور العدادين .. إذن لماذا تأخر موعد صرفهم لأجورهم ياجهاز الإحصاء المركزي ..؟… سؤال مشروع … ولكن عمل زميلنا ذاك – في صندوق الإبتدائي – لم يكن مشروعاً …!!
إليكم – الصحافة -الثلاثاء 24/6/ 2008م،العدد 5393
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]