أنثى طيبة .. و مفقودة !
تريد ان تغدو مثلاُ جديداً للترفع و الوقار و تزدان بالاحتشام , كم جميل ذلك المعنى و جميلة تلك الفتاة , و لكن هل علمها أحد أن تقيم حداً ذهنياً فاصلاً ما بين شخصين يجب ان تكونهما معاً ؟, هل علموها شيئاً غير اعداد غداء شهي و تزيين غرفة المعيشة .. غير التجمل بكل أدوات الزينة و حرق البخور , ثمة شيء ما لا أحد سيعلمه لها و لا أحد سيتكلم عنه .. ليس عن العلاقة الخاصة .. و لا حتى عن ثقافة العناية بالجسد , عن شيء عقلي بحت .. عن حاجز فكري متحجر يعيق مجرى الطبيعة , فما تخبره لنا القبيلة ليس بالضرورة حق مبين , و رغم رغبتهم ان تكون نساء العالم أجمع طيبات لماذا عليهم ان يصادروا منهن حق السعادة , فقبل كل شيء استبدلوا فكرة الوأد الجاهلي باختراع جاهلي جديد ظنوه عبقرياً .. فقرروا ان يمارسوا وأداً للأنوثة و يستخدموا مشرطاً لبتر العار من منابعه, و بعد ذلك ربوها جيداً ..
فجعلوها تدرك بيقين واع او غير واعٍ أن رغباتها الأنثوية ليست سوى فضيحة , لا سبيل آخر لتكون بنتاً طيبة غير ان تتقن تماماً لا إلجامها بل دفنها في العميق , فقد عرفوا ان الحب لا يمكن وأده فقرروا اجتثاثه من الجسد , أما في تلك الحياة المديدة السعيدة التي تعقب الموكب الأبيض السعيد , سمحوا لها ان تعيش بسعادة مثلما تشاء , و لكن أحداً ما لم يخبرها ان الفتاة الطيبة التي يجب ان تكونها ليست هي ذاتها نفس الفتاة .
انها لن تكونها حين تترفع عن حقيقتها .. و تنأى .. و تدعي أنها حجر , او تبقى متوارية في الظل .. تلعب دور ريشة في مهب الرجل , فتحيا و تموت و هي لا تعرف كيف تلامس اعماق ذاتها , كيف تتفجر بداخلها الطبيعة .. كيف تنسى لوهلة طعم خشيتها و تصرف ذلك الشاويش الواقف عند مدخل عقلها يهدد بجلدها ,, و كيف تنغمس تماماً في روعة التجربة الإنسانية الفريدة , أنها تجربة ثنائية الأقطاب ,عن الأخذ و العطاء و ليست عن المنح فقط , فهي لن تكسب شيئاً حين تكون طيبة و تنسى ان تكون انثى حقيقية .. تتباهى في مجالس الحريم بأردية نومها الطويلة و كم أنها وقورة , و تنسى انها زوجة في عالم ماجن تمارس فيه النساء غزواً غرائزياً على الرجال .. ببساطة تنسى ان تسعَد و تسعِده .
(أرشيف الكاتبة)