واستعرض العلماء في مؤتمرهم الذي انعقد في المدة ما بين 14 و17 مايو/ أيار الجاري عددا من الأبحاث كان من بينها ثلاثة تتعلق بهذا الموضوع وجدت أن موادا مثل “بيسفينول أ” المعروفة اختصارا بـ”BPA”، التي تدخل في صناعة قوارير رضاعة الأطفال البلاستيكية، وأحماض “السلفونات المشبعة بالفلورأوكتين” المعروفة اختصارا باسم “PFOA” والمستخدمة في حفظ عشرات من المواد الغذائية و”ثلاثي البيوتيلين” (Tributylin) المستخدم في أوراق وعلب حفظ الأغذية، تساهم في الإصابة بالسمنة وتؤدي إلى اختلال في عمل الغدد الصماء.
اضطرابات هرمونية
ووجد البروفيسور الأميركي بيفرلي روبن المتخصص في الغدد الصماء أن إناث الفئران التي تناولت في وقت مبكر مادة “بيسفينول أ” سواء في الرحم أو عبر الرضاعة أظهرت زيادة في الوزن في سن البلوغ.
وخلصت الدراسة أيضا إلى إصابة تلك الفئران باضطراب في حساسية الأنسولين وتوازن الجلوكوز وتنظيم إفرازات هرمون اللبتين، ما انعكس بشكر مباشر على الوزن.
وفي بحث آخر وجدت الأميركية سوزان فينتون أن مادة “PFOA” الحافظة المستخدمة في منتجات مثل الفشار والبيتزا يمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن بشكل غير عادي، فقد أعطيت تلك المادة للفئران الحوامل، فلوحظت زيادة في وزن صغارها، في المقابل كان نسل أمهات الفئران التي لم تتعرض إلى نفس المادة يمر بنمو طبيعي.
وتعتقد الدراسة أن تسلل تلك المادة إلى الجسم ربما يؤدي إلى مشكلات جسيمة عن طريق آليات مختلفة ويتسبب في مشكلات خطيرة تتعلق بالوزن، وسيركز البحث في مرحلة مقبلة -حسب فينتون- على التعرف على آلية العمل الكيميائية لتلك المواد.
تأثير مزمن
الدراسة الثالثة التي استعرضها المؤتمر، كانت للبروفيسور بروس بلومبرغ خبير التنمية البيولوجي بجامعة كاليفورنيا آرفين، حيث وجد أن تعاطي الفئران الحوامل لجرعات مشابهة لما يتناوله الإنسان من مادة “Tributylin” المستخدمة في تغليف المواد الغذائية لمقاومة الفطريات، تؤثر على برامج الجينات وتساعد على السمنة، وربما يكون تأثيرها على الصغار أكبر من تأثيرها على الكبار.
ويقول بلومبرغ إنه من الصعب التغلب على تكوين الخلايا الدهنية في بعض الحالات ما يعني أن تأثير تلك المواد يبقى مزمنا ما يعني صراعا مزمنا ضد السمنة والدهون الزائدة عن الحد.
وفي بحث مشترك بين المعهد الوطني الأميركي لعلوم الصحة البيئية والمؤسسة الفدرالية السويسرية للعلوم، وجد الباحثون أن الغدد الصماء تتعرض للتعطيل إذا تناولت الفئران أثناء الحمل مواد كيميائية اصطناعية تحاكي في تركيبها بعض الهرمونات فتظهر في خلايا نسلها نسبة من الدهون تقترب من تلك التي لدى البالغين، كما لوحظ تغيير في الجينات وعمليات التمثيل الغذائي (الأيض) بالجسم ما يؤثر على المهام المعنية بتنظيم الوزن.
وقاية ضرورية
ويقول خبير التغذية جيري هايندل إن النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسات تشير إلى أن الإصابة بالسمنة تبدأ على الأرجح أثناء الحمل أو في مرحلة مبكرة من الحياة، وأن التعرض لمجموعة متنوعة من المواد الكيميائية المنزلية المتداولة ربما جنبا إلى جنب مع تغذية الجنين تلعب دورا في زيادة الحساسية.
ويعتقد الأطباء أن هذه النتائج يمكن أن تساهم في تغيير الطريقة التي ينظر الإنسان بها إلى مشكلة السمنة وطرق معالجتها، إذ يجب أن يكون التركيز على “التحول من إنقاص الوزن لدى الكبار إلى منع زيادة الوزن أثناء مراحل النمو عبر الحد من التعرض لمثل تلك المواد”.
الجزيره نت [/ALIGN]