نظرية إدوارد لينو الروحية

[JUSTIFY]
نظرية إدوارد لينو الروحية

من لم يقرأ لـ (إدوارد لينو)، فليبتدر قراءته فوراً، ليس لأن الرجل ذو نفوذ ومعلومات، بل لأنه يكتب أفكاره السياسية والاجتماعية (الإصلاحية)، على طريقة الشعراء، الذين يبحثون عن غاوين يتبعونهم، وها هو في سلسلته بترجمة الأستاذ (محمد علي جادين)، التي ابتدرت صحيفتنا هذه، نشرها، يكتُب (لينو) مقالاً (طويل الباع)، يختار له عنواناً مثيراً (من إدوارد لينو إلى شعب جنوب السودان)، ما يشي أن المطروح على متنه ليست أفكاراً – قادرة على تطويرِ ساقين وقدمين تمشي بهما بين الناس، وتحمل بهما جسد قوي، تقف عليه.
عنوان روحاني وكأنه صادر عن منبر ديني، أو شعري، ثم على المتن، متن المقال في حلقتيه الأولى والثانية، ثمة ما يجعلك تعتقد أن (لينو) عاش كل حياته ناسكاً متعبدا، أو شاعراً ملهماً، وليست علاقة بالعمل الاستخباراتي والأمني، وليس بحوزته معلومات حتى ولو عامه عن الصراع السياسي والقبلي ومدى تمدد الأجنبي (المجاور)، في (سرير) الدولة الوليدة، وكأنه لا يملك معلومات في تلك النواحي ليضخها في مقاله حتى يخرجه من مأزق (النُصحِي) والإرشادي/ الوعظي، إلى ماكينة لإنتاج أفكار عمّلية تدب حياة وحيوية، وتشتغل على إيقاف الحرب الدائرة في جنوب السودان وفقاً للآليات أكثر فعالية، وبناء على جهود فكرية أكثر واقعية وتجذراً على الأرض من عبارات (لينو) الشعرية المُبهجة مثل، الحرب جريمة كبرى؟ بأي حق ولأي هذف سرق بعض قصيري أموالنا العامة لتمويل الحرب؟ فمن يا ترى الأكثر تأهيلاً بين (العالمين) للإجابة عن أسئلة (لينو) غير (لينو) نفسه، ولمن وجه رئيس مخابرات الحركة الشعبية السابق هذين السؤالين؟ للشعب الجنوبي الغلبان أم لمنبر السلام العادل. أم لموسفيني؟ أم لكير ومشار ومن تبعهم بغير إحسان إلى الحرب الضروس والعبثية؟
حزنت، صراحة، أن يتضمن المقال، تلك الأسئلة، لكنني فُجعت أكثر أنه احتوى على عبارات إرشادية أشبه بشعارات النظرية العالمية الثالثة التي تضمنتها هوامش كتاب (القذافي) الأخضر (الحكم النيابي حكم غيابي/ التمثيل تدجيل)، وما إليهما، حتى ظننت وأنا أقرأ لـ (لينو) عبارات مثل “علينا أن نتحد وننهض ضد أي ورح شريرة تحاول السيطرة علينا، لنكن يقظين/ الجيوش لا تبنى دون انضباط وتنظيم، والواقع أنه لم تكن ثمة مؤسسة تُسمى الجيش الشعبي/ موسفيني ورط نفسه في الصراع وتدخل بطريقة بربرية”.
إذن ما الجديد في ذلك، وما المفيد يا (لينو)؟، ما المفيد غير أني أرى ما يشبه أرواحاً انسلت من (قبر) القذافي، أو تبخرت من بين ثنايا رمال وادي عبقر، وحلت في دماغك الاستخباري وسيطرت عليه حد أنه أصبح يغني غناءً حزيناً، ويكتب مرثية الجنوب الأخيرة.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version