استحق الكاتب العلم إسحق فضل الله عن جدارة واستحقاق، أن تجري كثيرٌ من أقواله المدونة والملفوظة مجرى المثل، على غرار المثل الشعبي الشهير “القالو حمد”، فيقال أيضاً “القالو إسحق”.. أنا أعرف الذي قاله بالضبط حمد صاحب المثل الأصلي، وكان سبباً في ذيوع صيته وانتشار كلمته حتى أصبحت مضرباً للمثل، وأدري كذلك مناسبة هذا المثل وقصته، ولكن تحاشياً لترصدات لجنة الرصد بمجلس الصحافة واتقاء شرها، لن أصير مثل إسحق وسأورد فقط ما عناه السياق العام والمعنى العام للمثل والحالة التي يُضرب فيها، وهي حسب فهمي لها إذا صحّ، أن حمد هذا أطلق عبارة (مشاترة) ومفارقة تماماً لأي قدر من الموضوعية وخالية من المنطق والذوق، بل وخادشة للحياء، دون أن يتلجلج لسانه أو يطرف له جفن، وإنما بالعكس فقد كان يظن أنه يقول قولاً حسناً، وبالمثل فإن ل”شيخ إسحق” ليس عبارة وحيدة، بل عبارات وكلامات وملاسنات ترقى لأن تنافس مقالة حمد، بل الأكيد أنها ستبزها. من آخر ما قاله إسحق، ما نقلته عنه الصحافية الزينة لينا (ربنا يكملها بعقلها) كما يقول أبناء شمال الوادي لمن يجيد أداء شيء ويتميز فيه، في حوارها معه الذي نشرته الغراء (السوداني)، وتحديداً الجزئية التي أثارت حفيظة الصحافيين الذين دخلوا العمل الصحافي واحترفوه من باب المهنة والمهنية، وليس قفزاً عبر شبابيك ومداخل جانبية أخرى، وهؤلاء هم من أشكل عليهم معرفة الفروق بين أشكال وقوالب العمل التحريري الصحافي المختلفة، فخلطوا الخبر بالرأي وعجنوا الواقع والوقائع بالأمنيات والرغبات، واستغلق عليهم التفريق بين التقرير والتحقيق إلى آخر هذه الجلائط.. قال إسحق بكلٍّ اعتدادٍ وعنجهيةٍ ما معناه، إنه لا يتوانى ولا يتردد في نسج القصص الخيالية وتلفيق المعلومات ودس الأكاذيب وحشرها في متون كتاباته الصحافية، أي أنه باختصار يبيع القارئ المسكين (المخموم) الخيالات والأوهام بعد أن يرجها رجاً ثم يروجها له، وتبريراً لهذه الفعلة النكراء، قال بخفةٍ وبراءةٍ يحسده عليها الطفل الغرير، إنه يمارس الخداع والحرب خدعة.. لا شأن للعمل الصحافي بحروب إسحق وخداعاته التي تبيح نشر الأكاذيب واختلاق الأحداث وتلوين الأخبار وكسر أعناق الحقائق، وليمارسها بعيداً عن الصحافة، إن شاء فليعد إلى تأليف وبث برنامج (في ساحات الفداء)، أو ينتشر في المراكز إياها لينشر على منتسبيها ما شاء من خزعبلات لم نبهته بها، وإنما هي من اعترافاته الجهيرة المنشورة، أما إذا كان هو قد نصب نفسه حارس بوابة لدولة إسلامية يزعمها، فإننا قبل أن نسأله أن يدلنا على هذه الدولة، وأين توجد، لا بد أن نعلمه ما غاب عنه أو تعمد تغييبه لشيءٍ في نفسه، وهو أنّ للصحافة أيضاً حراس بوابات يصدون عنها أيّ غائلة، ويتصدون لكلِّ متغول على قيمها وأخلاقياتها وأعرافها وثوابتها المهنية.. أما الصحافة (الاسم سالم) التي تجيز الكذب والتدجيل فتلك صحافة تخص إسحق وحده، ولو انفتح الباب لصحافة إسحق هذه وصار سالكاً وممهداً لتحولت صحف الخرطوم ومنابرها إلى مواخير وكباريهات تسود فيها لغة (البنريدو بنسوي ليهو مديدة الحلبة والما بنريدو بنحرّش عليهو الكلبة)، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. ولا عزاء لأهل المهنة الحقيقيين.
[/JUSTIFY]
بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي