حتى الدول الشقيقة، تعيد إلينا أبناءنا السودانيين الذين يخالفون نظم الإقامة فيها، مهما كان مؤهله أو وضعه الوظيفي، فالنظام نظام، وما عداه فوضى.
الدولة المحترمة لن تقبل بالفوضى، ولا بتجاوز القوانين المعمول بها ولا النظم والضوابط المعتمدة لذلك نجد أنفسنا نحيي الشرطة ونؤيدها ونساندها في خطواتها التي أعلنت عنها، الخاصة بتنظيم الوجود الأجنبي.
مخاطر الوجود الأجنبي في السودان، خاصة من بعض دول الجوار، لا تقف عند حجب فرص العمل عن السودانيين فحسب، ولا الإضرار بالاقتصاد السوداني من جانب زيادة الاستهلاك في الدقيق والقمح والمواد الغذائية الأخرى وحدها، أو في جانب التحويلات المالية غير المشروعة، التي تهدد الجنيه السوداني في قيمته أمام الدولار، وهو العملة المعتمدة في التحويلات بالنسبة لأبناء ورعايا الدول الشقيقة، لكن المخاطر يكون أكثرها أخلاقياً، والأمر لا يحتاج إلى كثير شرح لأنه واضح في كل ناصية شارع أو تقاطع استقبل حالة أجنبية تبيع وتشتري في سوق الأخلاق بأبخس الأثمان.
هناك الآن باعة الحبوب المخدرة الذين يتخفون وراء مهن لا يشك أحد في ممتهنيها مثل بيع الشاي والقهوة، أو بيع السجائر قرب مراكز التجمعات أو الجامعات، حيث يتم البيع والشراء «على عينك يا تاجر» لكن من تحت الطاولة للسير في طريق الإدمان، الذي يبدأ بـ «حبة مجانية» لزوم التعرف على المزاج العالي، الذي أخذ يطيح بعدد من أبنائنا وبناتنا وهم في طور بناء الشخصية السوية.
كنا ولا زلنا نقول في أمثالنا: «الزيت كان ما كفى البيت يحرم على الجيران».
صحيح إن قارتنا تعاني الفقر والفاقة، وهو ما يدفع الفقير إلى الفقير فيزيده فقراً حيث لا يغنى الفار من الفقر، وتضيق سبل الكسب على الفقير أصلاً.
خطوة الشرطة التي أعلنتها يجب أن تجد كل عون ومساندة منا جميعاً، من كل أجهزة الدولة ومؤسساتها ومن منظمات المجتمع المدني، ومن الصحافة والإعلام، لابد من التوعية المستمرة بمخاطر الهجرة غير المنظمة و«العشوائية» التي بلغت الأقاصي ومناطق التعدين في كل أنحاء البلاد.
لابد من تنشيط المؤسسات والمجالس الخاصة بتنظيم هجرة الأجانب، وعلينا ألا ننشغل بصراعاتنا «المميتة» على السلطة لأننا لن نجد مع هذه الفوضى القاتلة شعباً نحكمه.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]