إن مات فكي فرقو في

[ALIGN=CENTER]إن مات فكي فرقو في ..!![/ALIGN] لأهلنا في خط الشمال حكمة قديمة تقول:
( إن مات فكي فرقو في .. وإن مات مرّاسي فرقو قاسي)!!
فالحكمة التي تبدو للوهلة الأولى مجرد (شفقة سكران) على اندثار مهنة (المرّاسة) نتيجة انقراض أهل الكار بالموت دون أمكانية التعويض من الأجيال الجديدة، إلا أنها تحمل في باطنها الرحمة رغم ما في ظاهرها من عذاب، فهي تحتمل تأويلا آخر حسب تفسيرنا لكلمة (فكي) .. والتي لو أخذناها على معنى الشيخ أو العابد كمرادف لكلمة (فقير) وهي في الغالب تطلق على شيخ المسيد أو الخلوة، وبالتالي يمكننا تفسير المثل من منطلق باطن الرحمة التي تؤكد على كثرة العلماء وأهل الدين، فإذا مات أحدهم ففي الكثيرين غيره الخير والبركة في حمل الراية بعده ، على عكس الوضع عندما يموت الـ(مرّاسي) وهو كما نعلم صانع (المريسة) والمتعاطي مع تجارتها، فموت أحدهم يعني خسارة لأهل الكار لا يمكنهم تعويضها لاندثار تلك العلة وبراءة مجتمعنا منها.
أحببت أن أجعل من المثل الحكيم مدخل للحديث عن ظاهرة كثرة المتعاطين بـ(الفكونة) بمعناها السيئ والذي يرمز للمتعاطين بالدجل والشعوذة من نسل هاروت وماروت، فالشق الأول من المثل حينها سوف يلامس كبد الحقيقة، وإذا مات (فكي) فهناك العشرات من حملة اللوح والدواية القادرين على سد فرقته من بعده.
جمعتني جلسة ونسة في بيت بكا مع مجموعة نساء من مختلف المطالع والمشارب، ولكن وبكل ما نحمل من حميمية لا تعرف الفواصل بين الخاص والعام، سرعان ما ضمنتا جلسة شمار نستنا دنيا الناس ونستنا المرحومة ذاتا!
جاء مجلسي بجوار حاجة (كُبّارية) بشوشة .. صبوحة الوجه تبدو عليها مسحة من التدين والوقار بالطرحة التحت التوب والسروال الطويل الذي يقي ساقيها من الانكشاف كلما أخدت راحتا في القاعد أو الرقاد كحال كبيرات السن من حبوباتنا .. بدافع محبتي للعجائز ومغنطيسية إنجذابي ل ونساتم اللذيذة، (لبدتا) جنبها أستمع لتجربتها التي تبرعت بها إلينا دون سابق معرفة، حكت لنا عن تعرضها للتحريش الشديد من قريباتها عندما خف عقل زوجها وتزوج عليها شابة من دور بناته وأولاده، قالت:
عاد من الحاج عرس وجاب لينا العروسة في البيت .. إلا والنار انطلقت في أخياتي وجاراتي .. قعدن يحرشن فيني وقالن لي:
كيييف ترضى بالضرة يا العويرة؟؟ وكمان تسكتي لمن يجيبا ليك في البيت وتطلع في راسك!!
وعندما اكثروا عليها النصائح باللجوء للفقرا لتخليصها والحاج من هذا المطب أفحمتهم بالقول:
يا نسوان أنا مرة حاجة بيت الله .. دايرني أسوي لي عمل للمسكينة دي .. هي ذنبا شنو؟ .. أكان القسمة أدتا .. أجي أنا ما أرضى بي حكم الله علي وعليها!!
استقطبت الحاجة بقصتها الانتباه وجذبت أسماع الموجودات في الغرفة، وسرعان ما حمي وطيس النقاشات وتعالت الإدانات ضد (الفقرا) و(الضرات) و(غبا الرجال) .. أعجب الحاجة حيازتها للاهتمام فانبرت تفند حيثيات ما ذهبت إليه من قرار بترك الضرة لحالها دون ضرّها بالفقرا، فقالت:
شن بدور أنا بالرجال بعد عمري ده كلو وبناتي البقن نسوات ماسكات بيوتن .. ما يعرس كان عرس .. ماشي يسوي لي شنو عرسو؟؟
هاجت النسوان وماج مجلسهن وقامت الغيرة بإحداهن فـ(تسدرت) للموضوع وقالت:
المرة عمرا كلو تقضيهو تخدم في الراجل وتربي في عيالو ووكتين تكبر يرميها عضم ناشف ويقبل على غيرا !!
توالت التعليقات المتطرفة وجذب النقاش الكثيرات من الخارج للمشاركة .. نسيت نفسي بعد أن شغفني ركن النقاش الحامي شمارا، ولكن الحاجة أسرتنا وتملكت قلوبنا عندما حسمت الجدال بدفاعها المستميت عن فعلة زوجها:
يا جماعة إنتو ما عارفين حاجة ساكت .. أنا الحاج ده عمرو ما قصر فيني .. وكتين دخول السينما كان عيب وصعلقة .. الحاج دخلني السينما وخلاني شفتا ناس (فاتن حمامة) .. ولبسني الساعة قبال ما النسوان يعرفو لباس الساعات .. كساني وعزّاني .. وكان داير هسي يجيب ليهو مرة يجدد رويحتو معاها .. اليمشي .. أنا عافية منو وراضية عليهو.

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version