“اختفاء طائرة”.. العالم بين ذهنيتين

[JUSTIFY]
“اختفاء طائرة”.. العالم بين ذهنيتين

يحكى أن اختفاء الطائرة الماليزية أحد أهم الأخبار التي شغلت العالم خلال الأسبوعين الأخيرين، بل هو الحدث الكبر الذي تداعت له كل الدول الكبرى في تحرك جماعي لا يهدأ في سبيل كشف السر وراء اختفاء هذه الطائرة، تحرك وتعاوني جماعي يبدأ بكبرى الدول الولايات المتحدة الأمريكية ويمر عبر الصين وأستراليا ولا ينتهي عند الدولة صاحبة (الكارثة) ماليزيا، وفي هذا (التفتيش والبحث) الدولي تم استخدام كافة المنجزات الحضارية والتكنولوجية الحديثة التي قد تسهم في كشف اللغز والوصول في أسرع وقت إلى حل لهذا اللغز، وهو ما بدا يلوح حسبما أعلنت الصين أخيرا حول عثورها على بعض الحطام للطائرة المنكوبة.
قال الراوي: الانشغال بالطائرة الماليزية واختفائها لم يتوقف فقط على الدول المذكورة سابقا ولا عند شعوبها، بل شمل كل دول العالم، ومن بينها بالطبع دولنا في العالمين العربي والأفريقي، بيد أن شكل الانشغال بهذه الحادثة اختلف تماما لدينا، فبينما سعى العالم (المتقدم) لتسخير إمكانياته العلمية بهدف إلى الوصول إلى حل مقنع يفسر السر الذي قاد إلى غموض اختفاء الطائرة، اندفعنا (نحن) إلى تفسيرات وتحليلات تعيد الإنسان إلى ما قبل الثورة العلمية، وربما إلى أبعد منا ذلك بكثير حين كان الإنسان يسكن الغابات ويلجأ إلى الكهوف ويفسر الظواهر الطبيعية بناء على (جهله) وقلة حيلته أمامها!
قال الراوي: من المدهش أن تشيع بيننا تفسيرات أقل ما توصف به أنها (بدائية) ومتخلفة وعاجزة لحادثة شغلت ولا تزال تشغل العالم، تفسيرات وتحليلات أقل ما توصف عليه هو الكسل الذهني، باستنادها على أقرب تصور (سهل) يحيل المشكلة برمتها إلى الغموض الماورائي، ويحولها بالتالي من حيز التفسير الممكن إلى حيز اللاممكن وإشاعة الصمت والاستسلام مع الإغلاق التام للعقل البشري!
قال الراوي: إلا أن الأكثر إدهاشا في هذه المسألة، هو هذا الاحتفاء الذي تجده مثل هذه التفسيرات (الكسولة) اللا عقللانية من قبل إعلامنا سواء العربي أو الأفريقي وبالطبع المحلي، حيث اهتم هذا الإعلام بإفراد الصفحات لأصحاب هذه التفسيرات الغريبة، التي تأتي مثيرة للشفقة في مقابل الجهد (العقلي) الذي تبذله وسائل الإعلام الأخرى في محاولة لتفسير ذات الظاهرة عن طريق الاستقراء العلمي واستضافة المتخصصين والبحث والتقصي العلمي الرصين.
ختم الراوي؛ قال: البحث العلمي (المرهق)، والتجريب المعملي الذي يأخذ العمر بأكمله، قاد ويقود إلى تطوير هذا العالم.
استدرك الراوي؛ قال: بينما الركون إلى التفسير (السحري الخامل) يقعدنا أكثر ليس إلا!

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version