امرأة “فقيرة”

[JUSTIFY]
امرأة “فقيرة”

# ترى ما هي مؤشرات الفقر لدى النساء؟.. وهل المرأة الفقيرة بالضرورة تلك التي تخلو ذراعاها من المصوغات والحلي الذهبية؟ أم التي لا تقود سيارة فارهة؟ ولا تمتلك منزلاً فخماً، ولا يتسنى لها ارتياد بيوتات الأزياء العالمية ومراكز التجميل الشهيرة؟
أم هي تلك التي لا تستطيع الطيران حول العالم؟ وليست لديها وظيفة مرموقة؟ ولا تنتمي لأسرة عريقة؟
أعتقد أن هناك امرأة أشد فقراً من كل اللائي لا يتمتعن بتلك المزايا.. إنها المرأة الفقيرة للعاطفة والاحترام والأمان.. المعدمة من رجل يمنحها الثقة في ذاتها ويبسط عليها وصايته ويدعمها معنوياً ويخصها بالرعاية والاهتمام والحنان.
والحقيقة الأزلية التي تؤكد أن النساء يبقى شغلهن الشاغل هو الرجل وفقاً للفطرة الإنسانية.. تؤكد بالمقابل أن المرأة كائن عاطفي لا يحتمل أنصاف الحلول العاطفية.. ويظل الرجل يسري في دم المرأة ويقف وراء كل تفاصيلها حياتها حتى وإن لم تتعمد هي ذلك.. ومهما اختلفت مستويات الثقافة والبيئة الاجتماعية والدرجات العلمية ومقاييس الجمال الداخلي والخارجي تظل الواحدة منا في بحث دائم ودؤوب عن رجل يتوافق معها فكرياً وكيميائياً وعاطفياً، وهو من يسمى بالنصف الآخر!
وإن قدر لها أن تجد ذلك النصف الضائع، فقد تبلغ بذلك قمة السعادة أو الاستقرار, أو قد يكون هو النصف الخطأ، حيث تبدأ سلسلة من الأزمات الداخلية والخلافات الخارجية والحسرة تحيل الحياة إلى معركة غير معلنة من عدم الرضا والارتياح والسكن.
# والرجل المعني بمنح المرأة الإحساس المطلق بالغني ليس بالضرورة زوجها.. فالأمر يمتد ليشمل والدها وأخاها والعديد من الرجال في حياتها بمن فيهم معلمها ورئيسها في العمل.. فهي بطبعها تحترم الرجال أصحاب السلطة والمسؤولية في حياتها وتتوقع منهم الكثير, لهذا نجدها تشعر بالإحباط والحزن المرير حالما لم يكن أحدهم في مستوى طموحها الرجالي.
ولأنها تمر بمراحل متعددة في حياتها وفقاً لدورة الحياة الطبيعية، ولا تخلو مرحل من وجود رجل ما نجدها تحمل آثارهم المتراكمة عبر تلك المراحل داخلها لتكون مفهومها الأخير حول الرجولة، لهذا تجد بعض النساء يحترمن الرجال بشكل مطلق ويؤمن بوجودهم العامر بالخير في حياتهن, بينما أخريات ساخطات على جنس الرجال ولا يرين فيهن أكثر من كائنات بغيضة مرغمات على معاشرتهن! كل ذلك ببساطة لأن الواحدة منهن تعرضت في حياتها لفئة سالبة من الرجال لا تفهم معنى الرجولة الحقيقي.
#فلا يجوز للأب أن يعمد لكسب احترام ابنته بالقسوة والجفاء.. ولا يجوز للأخ أن يرث ذلك الجبروت من والده، ويلعب دائماً دور الواعظ، وهو أبعد ما يكون عن الرشاد بحيث تكون الابنة أو الأخت دائماً في موضع اتهام يستوجب التقويم بالشدة والحزم وليس لها قيمة تذكر! وذلك بالضرورة يكسبها انكساراً وإحساساً بانعدام الثقة والحنق على الرجال يلازمها لاحقاً إلى بيتها مكوناً صورةً ذهنية قاتمة قد لا يفلح زوجها الطيب في محوها ما لم يكن صورة طبق الأصل من أبيها وأخيها لا قدر الله، فتظل الفتاة تدور في دوامة من الفقر العاطفي يسلمها في كثير من الأحيان للحزن الدائم واليأس الكبير ما لم يخرج بها إلى رحاب الخيانة والخطيئة بحثاً عن بعض الحنان والاهتمام والتقييم.
# إن كيدهن عظيم.. ولا طاقة تعادل رغبة المرأة في التمرد.. وليعلم جميع الرجال أن للنساء عيوناً غير عيونهم ترى أبعاداً غير التي يرونها, وتنظر للحياة بمنظار غير ذلك الجامد المعتم الذي ينظرون من خلاله.. وتتوق تلك العيون للون الزهري وتنهمر دموعهن لأتفه الأسباب التي تمس شغاف قلوبهن.. ويا لرهافة قلوبنا وشغافها.. ويا لهؤلاء الرجال الذين لا يدركون أنهم يكسبون معنا بالحنان أضعاف ما يكسبونه بالمنطق!
تلويح:
أعيش معدمة على الكفاف.. لا أملك سوى حبك واهتمامك.. لهذا ورد اسمي في قائمة أغنى أغنياء العالم!

[/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version